بسملة القرآن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بسملة القرآن

دين ودنيا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه تحفة الودود بأحكام المولود [171-187]:(ج1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إلياس
مشرف
إلياس


المساهمات : 113
تاريخ التسجيل : 01/05/2008
العمر : 37

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه تحفة الودود بأحكام المولود [171-187]:(ج1) Empty
مُساهمةموضوع: قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه تحفة الودود بأحكام المولود [171-187]:(ج1)   قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه تحفة الودود بأحكام المولود [171-187]:(ج1) Emptyالخميس 8 مايو 2008 - 1:36

فصل
في أن الأطفال ، وهم حمل في الرَّحم أقوى منهم بعد ولادتهم ، وأصبر ، وأشد احتمالا لما يعرض لهم ، وكذلك تكون العناية بهم بعد ولادهم آكد ، والحذر عليهم أشد فإن أغصان الشجرة ، وفروعها ما دامت لاصقة بالشجرة ، ومتصلة بها لا تكاد الرياح العواصف تزعزعها ، ولا تقتلعها فإذا فصلت عنها ، وغرست في مواضع أخر نالتها الآفة ، ووصلت إليها بأدنى ريح تهب حتى تقتلعها، وكذلك الجنين ما دام في الرحم فهو يقوى ، ويصبر على ما يعرض له ، ويناله من سوء التدبير ، والأذى على ما لا يصبر على اليسير منه بعد ولادته ، وانفصاله عن الرحم ، وكذلك الثمرة على الشجرة أقوى منها ، وأثبت بعد قطعها منها ، ولما كان مفارقة كل معتاد ، ومألوف بالانتقال عنه شديدا على من رامه ، ولا سيما إذا كان الانتقال دفعة واحدة فالجنين عند مفارقته للرحم ينتقل عما قد ألفه ، واعتاده في جميع أحواله دفعة واحدة ، وشدة ذلك الانتقال عليه أكثر من شدة الانتقال بالتدريج ، ولذلك قال بقراط : قد يعلم بأهون سعي ، وأيسره أن التدبير الرديء من المطعم ، والمشرب إذا كان يجري مع رداءته على أمر واحد يشبه بعضه بعضا دائما فهو أوثق ، وأحرز ، وأبعد عن الخطر في التماس الصحة للأبدان من أن ينقل الرجل تدبيره دفعة واحدة إلى غذاء أفضل منه فالجنين ينتقل عما ألفه ، واعتاده في غذائه ، وتنفسه ، ومداخله ، وما يكتنفه وهلة واحدة ، وهذه أول شدة يلقاها في الدنيا ، ثم تتوافر عليها الشدائد حتى يكون آخرها الشدة العظمى التي لا شدة فوقها أو الراحة العظمى التي لا تعب دونها ، ولذلك لا يبكي عند ،
ورود هذه الشدة عليه مع ما يلقاه من وكز الشيطان ، وطعنه في خاصرته 0
فصل
والجنين في الرَّحم كان يغتذي بما يلائمه ، وكان يجتذب بالطبع المقدار الذي يلائمه من دم أمه وبعد خروجه يجتذب من اللبن ما يلائمه أيضاً لكنه يجتذب بشهوته ، وإرادته فيزيد على مقدار
ما يحتاج إليه مع كون اللبن يكون رديئا ، ومعلولا كما يكون صحيحا ، وكذلك يعرض له القيء والغثيان ، ويجتذب أخلاط بدنه ، وتعرض له الآلام والأوجاع ، والآفات التي لم تعرض له في البطن وقد كان عليه من الأغشية ، والحجب ما يمنع وصول الأذى اليه فلما ولد هيىء له أغشية ،
وحجب أخر لم يكن يألفها ويعتادها وربما صحى للحر والبرد والهواء وكان يجتذبه من سرته ،
وهو ألطف شيء معتدل صحيح قد يصح قلب الأم ، وعروقها الضوارب فهو شبيه بما يجتذبه من هو داخل الحمام من الهواء اللطيف المعتدل ثم يخرج منه وهلة واحدة عرياناً إلى الهواء العاصف المؤذي ، وبالجملة فقد انتقل عن مألوفه ، وما اعتاده وهلة واحدة إلى ما هو أشد عليه منه ، وأصعب ، وهذا من تمام حكمة الخلاق العليم ليمرن عبده على مفارقة عوائده ، ومألوفاته إلى
ما هو أفضل منها ، وأنفع ، وأوفق له ، وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله (لتركبن طبقا عن طبق )الانشقاق 19 أي : حالا بعد حال ؛ فأول أطباقة كونه نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم جنينا ، ثم مولودا ، ثم رضيعا ، ثم فطميا ، ثم صحيحا ، أو مريضا غنيا ، أو فقيراً معافى أو مبتلى إلى جميع أحوال الإنسان المختلفة عليه إلى أن يموت ، ثم يبعث ، ثم يوقف بين يدي الله تعالى ثم يصير إلى الجنة أو النار فالمعنى لتركبن حالا بعد حال ، ومنزلا بعد منزل وأمراً بعد أمر ،
قال سعيد بن جبير ، وابن زيد : لتكونن في الآخرة بعد الأولى ، ولتصيرن أغنياء بعد الفقر ،
وفقراء بعد الغنى ، وقال عطاء : شدة بعد شدة ، والطبق ، والطبقة الحال ،
ولهذا يقال : كان فلان على طبقات شتى ، قال عمرو بن العاص : لقد كنت على طبقات ثلاث أي أحوال ثلاث ، قال ابن الأعرابي : الطبق الحال على اختلافها ، وقد ذكرنا بعض أطباق الجنين في البطن من حين كونه نطفة إلى وقت ولاده ، ثم نذكر أطباقه بعد ولادته إلى آخرها فنقول
الجنين في الرحم بمنزلة الثمرة على الشجرة في اتصالها بمحلها اتصالا قويا فإذا بلغت الغاية لم يبق
إلا انفصالها لثقلها ، وكمالها ، وانقطاع العروق الممسكة لها فكذا الجنين تنهك عنه تلك الأغشية وتنفصل العروق التي تمسكه بين المشيمة ، والرحم ، وتصير تلك الرطوبات المزلفة فتعينه بإزلاقها وثقله ، وانتهاك الحجب ، وانفصال العروق على الخروج فينفتح الرحم انفتاحا عظيما جدا ،
ولا بد من انفصال بعض المفاصل العظيمة ثم تلتئم في أسرع زمان ، وقد اعترف بذلك حذاق الأطباق ، والمشرحين ، وقالوا : لا يتم ذلك إلا بعناية إلهية ، وتدبير يعجز عقول الناس
عن إدراك كيفيته فتبارك الله أحسن الخالقين فإذا انفصل الجنين بكى ساعة انفصاله لسبب طبيعي ،
وهو مفارقة إلفه ومكانه الذي كان فيه ، وسبب منفصل عنه ،
وهو طعن الشيطان في خاصرته فإذا انفصل ، وتم انفصاله مد يده إلى فيه ،
فإذا تم له أربعون يوما تجد له أمر آخر على نحو ما كان يتجدد له ، وهو في الرحم فيضحك عند الأربعين ، وذلك أول ما يعقل نفسه ،
فإذا تم له شهران رأى المنامات ثم ينشأ معه التمييز ، والعقل على التدريج شيئا فشيئا إلى
سن التمييز ، وليس له سن معين بل من الناس ما يميز لخمس كما قال محمود بن الربيع :
عقلت من النبي مجة مجها في وجهي من دلو في بئرهم ، وأنا ابن خمس سنين ،
ولذلك جعلت الخمس سنين حداً لحدة سماع الصبي ، وبعضهم يميز لأقل منها ،
ويذكر أمورا جرت له وهو دون الخمس سنين ، وقد ذكرنا عن إياس بن معاوية أنه قال :
اذكر يوم ولدتني أمي فإني خرجت من ظلمة إلى ضوء ثم صرت إلى ظلمة ،
فسئلت أمه عن ذلك فقالت : صدق لما انفصل مني لم يكن عندي ما ألفه به فوضعت عليه قصعة ، وهذا من أعجب الإشياء ، وأندرها ،
فإذا صار له سبع سنين دخل في سن التمييز وأمر بالصلاة ، كما في المسند والسنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله :
(مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين وأضربوهم عليها لعشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع )
وقد خير النبي ابنة فطيماً بين أبويها كما روى أبو داود في سننه من حديث عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن رافع بن سنان الأنصاري ، قال : أخبرني أبي ، عن جدي رافع بن سنان ، أنه أسلم فأبت امرأته أن تسلم ، فأتت النبي فقالت : ابنتي ، وهي فطيم أو شبهه ، وقال نافع : ابنتي ، فقال رسول الله : اقعد ناحية ، وقال لها : اقعدي ناحية ، فأقعد الصبية بينهما
ثم قال : ادعواها ، فمالت إلى أمها ، فقال النبي : اللهم اهدها ، فمالت إلى أبيها فأخذها ،
و لا أحسن من هذا الحكم ، ولا أقرب إلى النظر ، والعدل ،
وعند النسائي في رواية عن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، عن أبيه أن جده أسلم ، وأبت امرأته أن تسلم فجاء بابن له صغير ، ولم يبلغ فأجلس النبي الأب هاهنا ، والأم ها هنا ثم خيره ،
وقال : اللهم اهده فذهب إلى أبيه ، وفي المسند من حديث أبي هريرة أن رسول الله خير غلاما بين أبيه ، وأمه ، وأما تقيد وقت التخيير بسبع فليس في الأحاديث المرفوعة اعتباره ، وإنما ذكر فيه أثر عن علي ، وأبي هريرة قال عمارة الجرمي : خيرني علي بين أمي ، وعمي ، وكنت ابن سبع سنين أو ثمان سنين ، وهذا لا يدل على أن من دون ذلك لا يخير بل اتفق أن ذلك الغلام المخير كان سنه ذلك
وفي السنن من حديث أبي هريرة جاءت امرأة إلى النبي فقالت : يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني ، وقد سقاني من بئر أبي عنبة ، وقد نفعني ، فقال له النبي : هذا أبوك ، وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت ؟ فأخذ بيد أمه فانطلقت به ، ولم يسأل عن سنه ، وظاهر أمره أن غاية
ما وصل إليه أنه سقاها من البئر فليس في أحاديث التخيير مرفوعها ، وموقوفها تقييد بالسبع ، والذي دلت عليه : أنه متى ميز بين أبيه ، وأمه خير بينهما ، والله أعلم 0
وكذلك صحة إسلامه لا تتوقف على السبع بل متى عقل الإسلام ، ووصفه صح إسلامه ، واشترط الخرقي أن يكون ابن عشر سنين ، وقد نص أحمد على ذلك في الوصية فإنه قال في رواية ابنيه صالح ، وعبد الله ، وعمه أبي طالب ، وإسحاق بن ابراهيم ، وأبي داود ، وابن منصور :
على اشتراط العشر سنين لصحة وصيته ، وقال له أبو طالب : فإن كان دون العشرة ؟
قال : لا ، واحتج في رواية إسحاق بن إبراهيم بأنه يضرب على الصَّلاة لعشر ،
وأما إسلامه فقال في المغنى أكثر المصححين لإسلامه لم يشترطوا العشر ، ولم يحدوا له حداً
وحكاه ابن المنذر عن أحمد لأن المقصود حصل لا حاجة إلى زيادة عليه 0
وروي عن أحمد إذا كان ابن سبع سنين ، فإسلامه إسلام لأن النبي قال :
(مروهم بالصَّلاة لسبع) ، فدل على أن ذلك حد لأمرهم ، وصحة عباداتهم فيكون حداً لصحة إسلامهم ، وقال ابن أبي شيبة إذا أسلم ، وهو ابن خمس سنين جعل إسلامه إسلاماً ؛لأن عليا أسلم وهو ابن خمس سنين ، وقال أبو أيوب : أجيز إسلام ابن ثلاث سنين من أصاب الحق من صغير
أو كبير أجزناه ، وهذا لا يكاد يعقل الإسلام ، ولا يدري ما يقول ، ولا يثبت لقوله حكم فإن وجد ذلك منه ، ودلت أقواله ، وأفعاله على معرفة الإسلام ، وعقاله إياه صح منه كغيره انتهى كلامه فقد صرح الشيخ بصحة إسلام ابن ثلاث سنين إذا عقل الإسلام ،
وقد قال الميموني قلت لأبي عبد الله : الغلام يسلم ، وهو ابن عشر سنين ، ولم يبلغ الحنث ،
قال : أقبل إسلامه ، قلت : بأي شيء تحتج فيه ، قال : أنا أضربه على الصَّلاة ابن عشر ،
وأفرق بينهم في المضاجع ، وقال الفضل بن زيادة سألت أحمد عن الصَّبي النصراني يسلم كيف تصنع به ، قال : إذا بلغ عشرا أجبرته على الإسلام لأن النبي قال : (علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) فهذه رواية ، وعنه رواية أخرى : يصح إسلام ابن سبع سنين 0
قال أبو الحارث : قيل لأبي عبد الله : إن غلاماً صغيراً أقر بالإسلام ، وشهد أن لا إله إلا الله ،
وأن محمدا رسول الله ، وصلى ، وهو صغير لم يدرك ، ثم رجع عن الإسلام يجوز إسلامه ،
وهو صغير قال : نعم إذا أتى له سبع سنين ، ثم أسلم أجبر على الإسلام لأن النبي قال : (علموهم الصلاة لسبع) فكان حكم الصلاة قد وجب إذ أمر أن يعلموهم الصَّلاة لسبع ،
وقال صالح : قال أبي إذا بلغ اليهودي ، والنصراني سبع سنين ، ثم أسلم أجبر على الإسلام
لأنه إذا بلغ سبعا أمر بالصلاة ، قلت : وإن كان ابن ست ؟ قال : لا 0
فصل
فإذا صار ابن عشر ازداد قوة ، وعقلا ، واحتمالا للعبادات فيضرب على ترك الصَّلاة
كما أمر به النبي ، وهذا ضرب تأديب ، وتمرين ،
وعند بلوغ العشر يتجدد له حال أخرى يقوى فيها تمييزه ، ومعرفته ،
ولذلك ذهب كثير من الفقهاء إلى وجوب الإيمان عليه في هذا الحال ، وأنه يعاقب على تركه ،
وهذا اختيار أبي الخطاب وغيره ، وهو قول قوي جدا ، وإن رفع عنه قلم التكليف بالفروع فإنه قد أعطي آلة معرفة الصانع ، والإقرار بتوحيده ، وصدق رسله ، وتمكن من نظر مثله ، واستدلاله كما هو متمكن من فهم العلوم ، والصنائع ، ومصالح دنياه فلا عذر له في الكفر بالله ،
ورسوله مع أن أدلة الإيمان بالله ورسوله أظهر من كل علم ، وصناعة يتعلمها 0
وقد قال تعالى :(وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ) الأنعام 19
أي : ومن بلغه القرآن فكل من بلغه القرآن ، وتمكن من فهمه فهو منذر به ،
والأحاديث التي رويت في امتحان الأطفال والمعتوهين ، والهالك في الفترة إنما تدل على امتحان
من لم يعقل الإسلام فهؤلاء يدلون بحجتهم أنهم لم تبلغهم الدعوة ، ولم يعقلوا الإسلام ، ومن فهم دقائق الصناعات ، والعلوم لا يمكنه أن يدلي على الله بهذه الحجة ، وعدم ترتيب الأحكام عليهم
في الدنيا قبل البلوغ لا يدل على عدم ترتيبها عليهم في الآخرة ،
وهذا القول هو المحكي عن أبي حنيفة ، وأصحابه ، وهو في غاية القوة 0
فصل
ثم بعد العشر إلى سن البلوغ يسمى مراهقا ، ومناهزا للاحتلام فإذا بلغ خمس عشرة سنة عرض له حال آخر يحصل معه الاحتلام ، ونبات الشعر الخشن حول القبل ، وغلظ الصوت ،
وانفراق أرنبة أنفه ، والذي اعتبره الشارع من ذلك أمران : الاحتلام ، والإنبات :
أما الاحتلام فقال الله تعالى :(يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات) ، ثم قال :(وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذان الذين من قبلهم النور) 59
وقال النبي :(رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ،
وعن النائم حتى يستيقظ ) وقال لمعاذ : خذ من كل حالم دينارا ، رواهما أحمد وأبو داود
وليس لوقت الاحتلام سن معتاد ؛ بل من الصبيان من يحتلم لاثنتي عشرة سنة ،
ومنهم من يأتي عليه خمس عشرة ، وست عشرة سنة ، وأكثر من ذلك ، ولا يحتلم ،
واختلف الفقهاء في السن الذي يبلغ به مثل هذا :
فقال الأوزاعي وأحمد والشافعي وأبو يوسف ومحمد متى كمل خمس عشرة سنة حكم ببلوغه ، ولأصحاب مالك ثلاثة أقوال :
أحدها سبع عشرة ،
والثاني ثماني عشرة ،
والثالث خمس عشرة وهو المحكي عن مالك
وعن أبي حنيفة روايتان :
إحداهما سبع عشرة ،
والأخرى ثماني عشرة والجارية عند سبع عشرة
وقال داود وأصحابه : لا حد له بالسن إنما هو الاحتلام ، وهذا قول قوي ،
وليس عن رسول الله في السن حد البتة ، وغاية ما احتج به من قيده بخمس عشرة سنة بحديث ابن عمر حيث عرض على النبي في القتال ، وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه ثم عرض عليه ، وهو ابن خمس عشرة فأجازه ، وهذا الحديث ، وإن كان متفقا على صحته فلا دليل فيه على أنه أجازه لبلوغه ؛ بل لعله استصغره أولا ولم يره مطيقا للقتال فلما كان له خمس عشرة سنة رآه مطيقا للقتال فأجازه ولهذا لم يسأله هل احتملت ؟أو لم تحتلم ؟
والله سبحانه إنما علق الأحكام بالاحتلام وكذلك رسول الله ولم يأت عنه في السن حديث واحد سوى ما حكاه ابن عمر من إجازته ، ورده ، ولهذا اضطربت أقوال الفقهاء في السن الذي يحكم ببلوغ الصبي له ، وقد نص الإمام أحمد : أن الصبي لا يكون محرما للمرأة حتى يحتلم ،
فاشترط الاحتلام 0
فصل
وأما الإنبات فهو نبات الشعر الخشن حول قبل الصبي ، والبنت ، ولا اعتبار بالزغب الضعيف ، وهذا مذهب أحمد ، ومالك ، وأحد قولي الشَّافعي ، وقال في الآخر : هو علم في حق الكفار دون المسلمين لأن أولاد المسلمين يمكن معرفة بلوغهم بالبينة ، وقبول قول البالغ منهم بخلاف الكافر
وقال أبو حنيفة : لا اعتبار به بحال كما لا يعتبر غلظ الصوت ، وانفراق الأنف ،
واحتج من جعله بلوغا بما في الصحيحين أن النبي لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم بأن تقتل مقاتلهتم ، وتسبى ذراريهم ، وأمر بأن يكشف عن مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة ومن لم ينبت ألحق بالذرية ، قال عطية : فشكوا في فأمر النبي أن ينظروا إلي هل أنبت بعد فنظروا في فلم يجدوني أنبت فالحقوني بالذرية ، واستمر على هذا عمل الصحابة رضي الله عنهم بعد النبي فكتب عمر إلى عامله : أن لا تأخذ الجزية إلا ممن جرت عليه الموسى ،
وذكر البيهقي من حديث ابن علية عن إسماعيل بن أمية عن محمد بن يحيى بن حبان :
أن عمر رفع اليه غلام ابتهر جارية في شعره فقال : انظروا إليه فلم يوجد أنبت فدرأ عنه الحد ،
قال أبو عبيد : والابتهار أن يقذفها بنفسه ، ويقول فعلت بها كاذبا وذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه أتي بغلام قد سرق : فقال : انظروا إلى مؤتزره فنظروا فلم يجدوه أنبت الشعر فلم يقطعه ، وذكر عن ابن عمر إذا أصاب الغلام الحد فارتيب فيه هل احتلم أم لا ؟
فانظر إلى عانته ،
وفي هذا بيان أن الإنبات علم على البلوغ ، وعلى أنه علم في حق أولاد المسلمين ، والكفار
وعلى أنه يجوز النظر إلى عورة الأجنبي للحاجة من معرفة البلوغ وغيره 0
وأما ما ذكره بعض المتأخرين أنه يكشف ، ويستدبره الناظر ، ويستقبلان جميعا المرآة ، وينظر إليها الناظر فيرى الإنبات ، فشيء قاله من تلقاء نفسه لم يفعله رسول الله ، ولا أحد من الصحابة ،
ولا اعتبره أحد من الأئمة قبله 0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ferkous.com
 
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه تحفة الودود بأحكام المولود [171-187]:(ج1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بسملة القرآن  :: دنيانا :: الإسلام والطفل-
انتقل الى: