فإن من القرآن الكريم ما علم تاريخ ومكان وسبب نزوله، ومنه ما ليس كذلك، فبعض الصحابة كان يعرف تاريخ ومكان وسبب نزول الآيات لملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في مناهل العرفان وغيره من كتب علوم القرآن، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت، ولو أعلم أن أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه.
وقد ذكروا أمثله لذلك، فمنها -مثلاً- أول ما نزل منه بداية سورة العلق نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء ليلة الاثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان، وكان عمره إذ ذاك أربعين سنة قمرية وستة أشهر وهو ما حققه العلامة المباركفوري.
وكذلك قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {المائدة:3}، نزلت يوم الجمعة التاسع من ذي الحجة بعرفة في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة، قال عمر رضي الله عنه: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة. رواه البخاري ومسلم. ولم نعثر على كتاب أو مؤلف خاص بتاريخ نزول القرآن على غرار الكتب الخاصة بأسباب النزول.