بسملة القرآن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بسملة القرآن

دين ودنيا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج4

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ridona
مشرف
Ridona


المساهمات : 223
تاريخ التسجيل : 25/07/2008
العمر : 39
الموقع : www.ha22.com

الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج4 Empty
مُساهمةموضوع: الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج4   الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج4 Emptyالأربعاء 13 أغسطس 2008 - 14:51

الهجرة إلى الحبشة

تعتبر هجرة فريق من المسلمين إلى الحبشة دليلاً بارزاً على إيمانهم وإخلاصهم العميق لدينهم وربّهم، فقد قرّر فريق من الرجال والنساء، بهدف الحفاظ على عقيدتهم، والتخلّص من أذى قريش، والاِقامة في مكان آمن يقيمون فيه شعائرهم بحرية ويعبدون اللّه الواحد، أن يغادروا مكة إلى جهة تحقّق أهدافهم، فنصحهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالاِتجاه إلى الحبشة قائلاً: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإنّ بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صِدقٍ حتّى يجعل اللّه لكم فَرَجاً ممّا أنتم فيه».
لماذا اختار الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الاَرض؟ ويتضح السّر إذا درسنا أوضاع الجزيرة العربية والمناطق المجاورة لها. فالهجرة إلى المناطق العربية التي سكنها المشركون والوثنيون كانت تنطوي على خطر كبير على هوَلاء الاَفراد من المسلمين، إذ أنّهم سيمتنعون عن قبولهم في أرضهم إرضاءً لقريش أو وفاءً وتعصّباً لدين الآباء. وكذلك لم تصلح المناطق التي عاش بها اليهود والنصارى لذلك إذ أنّ الصراع المذهبي والطائفي كان شائعاً بينهما، فلم تكن الاَوضاع لتسمح بدخول طرف ثالث في حلبة الصراع، كما أنّ هوَلاء الفريقين ـ اليهود والنصارى ـ كانوا يحتقرون العنصر العربي أساساً، ممّا يمنع التعايش معهم.
أمّا المناطق الخارجية، فإنّ اليمن كانت تحت حكم الفرس، الذين لم يقبلوا بدعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما بعد، حتى إنّ إمبراطور فارس طلب من عامله على اليمن، القيام بالقبض على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإرساله إليه. وكذلك الحيرة فقد كانت تحت النفوذ الاِيراني وسيطرته. أمّا الشام فكانت بعيدةً عن مكّة المكرّمة، لم تصلح للجوء المسلمين إليها، كما أنّها كانت سوقاً لقريش تربط سكانها بهم روابط وعلاقات وثيقة، وهي علاقات اقتصادية قوية.
ولذا فإنّ الفريق الموَمن غادر مكة ليلاً في غفلة من المشركين نحو ميناء جدّة للسفر عبر مينائها إلى أرض الحبشة، حيث وصلوا في الوقت الذي كانت فيه سفينتان تجاريتان على أُهبة الاِقلاع، فبادرالمسلمون إلى ركبوها لقاء نصف دينار عن كلّ راكب. وكان الفريق مكوناً من عشرة أو خمسة عشر شخصاً، بينهم أربع من النسوة المسلمات، ولم يكونوا من قبيلة واحدة، بل انتمى كلّ واحد منهم إلى قبيلة معينة. وقد حدث ذلك في شهر رجب في السنة الخامسة من مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .(1)
و قد حاول المشركون في مكّة اللحاق بهم، فبعثوا جماعة من رجالهم لاِعادتهم إلى مكّة، إلاّ أنّ السفينة كانت قد غادرت الميناء. وكان روَساء «دار الندوة» بمكة وأقطابها، يعلمون جيدا أضرار هذه الهجرة وآثارها على أوضاعهم، ولذا اهتموا في إعادتهم فوراً إلى ديارهم.
وقد تبعت هذه الهجرة، خروج جماعة أُخرى بلغ عددها 83 فرداً على رأسهم: «جعفر بن أبي طالب » ابن عمّ الرسولحيث تمّت بحريّة، وقد اصطحبوا فيها نساءهم وأولادهم،إلى أرض الحبشة أيضاً. وقد وجد المسلمون أرضها كما وصفها النبي ص: عامرةً، وبيئة آمنة حرة، تصلح لعبادة اللّه تعالى بحرّية وأمان. وبيّنت «السيدة أُمّ سلمة» الوضع بقولها: «لما نزلنا أرض الحبشة، جاورنا بها خير جار، النجاشي، أمننا على ديننا، وعبدنا اللّه تعالى، لا نُوَذى، ولا نسمع شيئاً نكرهه».
وقد حدثت هذه الهجرة في رجب من السنة الخامسة من النبوة، وهي السنة الثانية من إظهار الدعوة، فأقاموا شعبان ورمضان، وقدموا في شوال، لما بلغهم أنّ قريشاً أسلمت فعاد منهم قوم وتخلف آخرون.(1) إلاّ أنّ ذلك كان كذباً، فلم يدخل منهم مكّة إلاّالقليل، وعادت الاَكثرية إلى الحبشة ثانية. وكان ممّن دخل مكّة منهم: «عثمان بن مظعون» الذي دخل بجوار الوليد بن المغيرة، ولكنّه ردّ عليه جواره فاختار جوار اللّه ليواسي المسلمين ويشاركهم آلامهم ومتاعبهم، ممّا جعله يتلقّى فيما بعد شيئاً من تعذيب الكفّار وأذيتهم فأصابوا عينه.
وحينما علمت قريش ما أصبح فيه المسلمون المهاجرون من أمن وحرّية ، ثار فيهم الحسد، وتوجّسوا خيفة من نفوذهم هناك في الحبشة، التي اعتبرت أرضها الآن قاعدة قوية لهم، كما أنّهم تخوفوا من اعتناق نجاشي الحبشة لدينهم، فيكسبوا تأييده، ممّا يدفعه إلى محاربة مكّة فيما بعد للقضاء على حكومة المشركين الوثنيين في شبه الجزيرة العربية. ولذا فقد اجتمع الاَقطاب في «دار الندوة» للتشاور في هذا الاَمر الخطير، فاستقر رأيهم على إرسال وفد منهم إلى البلاط الحبشي لاستمالة القواد والوزراء بالهدايا القيمة، لاِخراج المسلمين من أرضهم، فقد تحدّدت تعليماتهم إلى رئيس الوفد: عمرو بن العاص، وعبد اللّه بن أبي ربيعة: ادفعا إلى كلّ بطريقٍهديته قبل أن تكلّما النجاشي فيهم، ثمّقدّما إلى النجاشي هداياه، واسألاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلّمهم.
وحينما توجّها إلى الملك الذي تقبّل الهدايا، قالا له: أيّها الملك إنّه قد ضوى ـ أي لجأ ليلاً ـ إلى بلدك منّا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك،وجاءوا بدينٍ ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشرافُ قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردَّهم إليهم، فهم أبصر بهم وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه.
وقد شجعهم على قولهم هذا بطارقتُه الذين حصلوا على الهدايا من قبل، إلاّ أنّ النجاشي الحكيم العادل رفض إجابة مطالبهم دون أن يرجع إلى المسلمين فيرى رأيهم. وعندما حضروا أمامه بقيادة «جعفر بن أبي طالب » الناطق باسمهم، سأله الملك: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومَكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟
فقال جعفر بن أبي طالب بعد أن وصف حالهم قبل الاِسلام وكيف أنّ اللّه هداهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : وأمرنا أن نعبد اللّه وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدّقناه وآمنا به واتّبعناه على ما جاء به من اللّه، فعبدنا اللّه وحده فلم نشرك به شيئاً، وحرّمنا ما حرّم علينا وأحللنا ما أحلّ لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردّونا إلى عبادة الاَوثان، وأن نستحلّ ما كنّا نستحلُّ من الخبائث، فلمّا قهرونا وظلمونا وضيّقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نُظلَم عندك أيّها الملك.(1)
وقد أثّرت كلمات «جعفر» البليغة وحديثه العذب تأثيراً عجيباً في نفس النجاشي حتى أغرورقت عيناه بالدموع،وخاصة عندما قرأ عليه بعض الآيات القرآنية التي تخص عيسى و مريم «عليهما السلام» فبكى النجاشي وبكى أساقفتُه معه، وقال: «إنّ هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة»، ويقصد أنّ القرآن والاِنجيل كلام اللّه و أنَّهما شيء واحد. ثمّ التفت نحو موفدي قريش قائلاً: انطلقا فلا واللّه لا أسلمَهم إليكما.
إلاّ أنّ «عمرو بن العاص» فكّر في حيلة جديدة تخلّصهم من موقفهم السّيء والمخزي، وهي: أن يخبر الملك بما يسيء إلى المسيح (عليه السلام) فقال في اليوم التالي للملك: إنّهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً. ولكنَّ جعفراً أجاب الملك في ذلك: نقول فيه الذي جاءنا به نبيّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ، هو عبد اللّه ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. ممّا سرّالنجاشي و رضي به وقال: هذا واللّه هو الحقّ. وقال للمسلمين: اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي، من سَبّكُم غُرِم، ما أحبّ أنّ لي دبراً من ذهب، وإنّي آذيت رجلاً منكم. ثمّ ردّعلى وفد قريش هداياهم قائلاً: فلا حاجة لي بها، فواللّه ما أخذ اللّه منّي الرشوة حين ردّ عليّ ملكي فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه.(2) لا فخرجوا من عنده خائبين مقبوحين.

الاِسراء والمعراج

بدأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رحلته الفضائية من بيت «أُمّ هانىَ» أُخت الاِمام علي (عليه السلام) (1) إلى بيت المقدس في فلسطين، والّذي يسمّى المسجد الاَقصى، وتفقّد بيت لحم مسقط رأس السيّد المسيح (عليه السلام) ومنازل الاَنبياء وآثارهم، وصلّى عند كلّ محراب ركعتين. ثمّ بدأ في القسم الثاني من رحلته، المعراج إلى السماوات العلى، فشاهد النجوم والكواكب، واطّلع على نظام العالم العلوي، وتحدّث مع أرواح الاَنبياء والملائكة، واطلع على مراكز الرحمة والعذاب ـ الجنّة والنار ـ ورأى درجات أهل الجنّة، و تعرّف على أسرار الوجود و رموز الطبيعة، ووقف على سعة الكون وآثار القدرة الاِلهية المطلقة، ثمّ واصل رحلته حتى بلغ سدرة المنتهى، فوجدها مسربلة بالعظمة المتناهية والجلال العظيم. وهنا كان قد انتهى برنامج الرحلة، فأُمر بالعودة من حيث أتى، فمرّ في طريق عودته، على بيت المقدس ثانية، ثمّ توجه نحو مكّة، مارّاً على قافلةٍ تجاريةٍ خاصّة بقريش، وبعيرٌ لهم قد ضلّ في البيداء يبحثون عنه، وشرب من مائهم، ثمّ ترجّل عن مركبته الفضائية ـ البراق ـ في بيت أُمّ هانىَ، قبل طلوع الفجر. فأخبرها بما حدث، كما كشف عنه في أندية قريش صباح نفس تلك الليلة. إلاّ أنّ قريشاً كعادتها كذّبته وأنكرته، على أساس عدم استطاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القيام بذلك في ليلة واحدة، وطلبوا منه أن يصف بيت المقدس، فوصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصفاً شاملاً، مع ما شاهده في الطريق، وخاصة
عير قريش، التي أكد لهم بأنّها الآن في موقع التنعيم، فلم تمض لحظات حتى طلعت عليهم العير، فحدّثهم أبو سفيان بكلّما أخبرهم به الرسول من ضياع بعيرهم في الطريق والبحث عنه.(1)
وقد اختلفت الاَقوال عن وقت حدوث الاِسراء والمعراج، فادّعى «ابن هشام و ابن إسحاق» انّه وقع في السنة العاشرة من البعثة الشريفة، وذهب الموَرّخ «البيهقي» انّه حدث في السنة الثانية عشرة منها، بينما قال آخرون إنّه وقع في أوائل البعثة، في حين أنّ فريقاً رابعاً أكد وقوعه في أواسطها.وربما يقال في الجمع بين هذه الاَقوال انّه كان لرسول اللّهمعارج متعدّدة.
وهناك اعتقاد أنّ المعراج الذي فرضت فيه الصلاة وقع بعد وفاة أبي طالب (عليه السلام) في السنة 10 من البعثة. والذين تصوّروا أنّالمعراج وقع قبل هذه السنة مخطئون، لاَنّ النبي ص كان محصوراً في شعب أبي طالب منذ عام 8 وحتى 10، فلم يكن المسلمون مستعدّين لوضع التكاليف عليهم. و أمّا سنوات ما قبل الحصار، فعلاوة على ضغوط قريش على المسلمين، والتي كانت مانعاً من فرض الصلاة عليهم، فإنّ المسلمين كانوا قلّة، ولم يكن نور الاِيمان وأُصول الاِسلام قد ترسخت بعد في قلوب ذلك العدد القليل، ولذا يستبعد أن يكونوا قد كلّفوا بأمرٍ زائدٍ مثل الصلاة في مثل تلك الظروف.
أمّا ما ورد في بعض الاَخبار والروايات، بأنّ الاِمام عليّاً (عليه السلام) صلّى مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل البعثة بثلاث سنوات، فليس المراد منها الصلاة المكتوبة، بل كانت عبارة عن عبادةٍ خاصةٍ غير محدّدة، أو كان المراد منها الصلوات المندوبة والعبادات غير الواجبة.(1)
وأمّا بالنسبة لما قيل وذكر عن معراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جسمانياً أو روحانياً، فقد قيل فيه الكثير، بالرغم من أنّ القرآن الكريم والاَحاديث النبوية توَكّد أنّ ذلك حدث جسمانياً، إلاّ أنّ بعض الآراء ترى أنّذلك وقع روحانياً، أي أنّ روح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طافت في تلك العوالم ثمّ عادت إلى جسده (صلى الله عليه وآله وسلم) مرّة أُخرى، وذهب آخرون إلى أنّ كلّ ذلك حدث في عالم الروَيا، وروَيا الاَنبياء صادقة.(2) وربما دلّ تكذيب قريش وانزعاجها واستنكارها لحديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على أنّذلك حدث جسمانياً. وإذا كان المراد من المعراج الروحاني هو التفكير في عظمة الحقّ وسعة الخلق والتدبير في مخلوقات اللّه ومصنوعاته ومشاهدة جماله وجلاله، فلا شكّ أنّ ذلك ليس من خصائص رسولنا الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بل إنّ كثيراً من الاَنبياء والاَولياء امتلكوا هذه المرتبة ، بينما أعتبره القرآن الكريمُ من خصائصه (صلى الله عليه وآله وسلم) ونوع من الامتياز الخاصّ بهص. كما أنّحالة التفكير في عظمة الخالق والاستغراق في التوجه إليه، كانت تتكرر للرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» في كلّ لليلة، وليس ليلة بعينها كما جرى وحدث في المعراج.
أمّا في العلم الحديث، فإنّ القوانين الطبيعية والعلمية الحالية لا تتلاءم مع معراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك للاَسباب التالية:
1. إنّ الابتعاد عن الاَرض يتطلب التخلّص من جاذبيتها، أي إبطال مفعولها، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد خرج عن محيط الجاذبية وأصبح في حالة انعدام الوزن، فكيف تمكن أن يطوى هذه المسافات بدون الوسائل والاَدوات اللازمة، وعدم توافر الغطاء الواقي، الذي يصون الجسم من التبعثر والذوبان بفعل السرعة الهائلة؟
2. و كيف تمكن من العيش و الحياة في أعالي الجو بدون وجود أوكسجين؟
3. و كيف تمكن أن يصون نفسه من الاَشعة الفضائية والاَحجار السماوية؟
4. و إذا كان الاِنسان يعيش تحت ضغط معين من الهواء لا يوجد في الطبقات العليا من الجو، فكيف حافظ على حياته هناك؟
5. لا يستطيع أيّ جسم أن يتحرّك بسرعة تفوق سرعة النور، التي هي 30 ألف كم في الثانية، فكيف استطاع النبيالسير بتلك السرعة الهائلة ويرجع إلى الاَرض سالمَالجسم؟!
و الجواب على ذلك سهل ويسير، فإنّ البشر استطاع بأدواته وآلاته العلمية والتكنولوجية أن يعالج مشكلات عديدة في مجال ارتياد الفضاء، مثل مشكلة الاَشعة الفضائية وانعدام الغاز اللازم للتنفس، كما أنّ العلماء يخطّطون للعيش على سطح الكواكب كالقمر والمريخ، وبذا فإنّ العلم يوَكّد سهولة ارتياد الفضاء وعدم استحالته، فإذا كان البشر في إمكانه أن يقوم بذلك عن طريق الاَدوات والآلات العلمية، فإنّ الاَنبياء يمكنهم فعلَها بواسطة قدرة اللّه سبحانه و تعالى وفعله. فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عرج بعناية وقدرة اللّه الذي خلق الوجود كلّه، وأقام هذا النظام البديع. فجميع العلل الطبيعية والموانع الخارجية مسخَّرة للّه تعالى وخاضعة لاِرادته، ومطيعة لاَمره. وكأنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبر البشرية وحتى الّذين يعيشون في هذا القرن: إنّني فعلت هذا بدون أيّة وسيلة، وإنّ ربّي قد منّ عليّوعرّفني على نظام السماوات والاَرض، وأطلعني بقدرته وعنايته على أسرار الوجود و رموز الكون.
وقال الاِمام موسى الكاظم (عليه السلام) في ذلك: «إنّ اللّه يوصَف بمكان ولا يجري عليه زمان، ولكنّه عزّ وجلّ أرادَ أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقوله المشبِّهون ، سبحان اللّه تعالى عمّا يصفون».(1)

سفر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الطائف

توفيت السيدة خديجة(عليها السلام) بعد وفاة أبي طالب، بشهر وخمسة أيّام، في السنة العاشرة من البعثة.(2) وهي التي سمّاها الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» عام الحداد أو الحزن. ومنذ هذا الوقت واجه (صلى الله عليه وآله وسلم) ظروفاً صعبة قاسية قلّما واجهها من قبل. فقد اصطدم منذ بداية السنة الحادية عشرة بأحوال قاسية مفعَمة بالعداء والحقد والاَخطار التي هدّدت حياته الشريفة، بل افتقاد إمكانية نشر الدعوة.فلمّا هلك أبو طالب، نالت قريش من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) من الاَذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيهٌ من سفهاء قريش فنثر على رأسه تراباً. وفي البيت عندما بكت ابنته على وضعه هذا قال: «ما نالت منّي قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب».(3)
وقد دفع هذا الاَمر المتردّي، أن يبحث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن بيئة أُخرى أفضل من بيئته لنشر الدعوة فيها، فاختار الطائف التي كانت تعتبر مركزاً هاماً آنذاك،فقرر السفر إليها وحيداً لمقابلة زعماء ثقيف، لعلّه يكسب نجاحاً في مهمته أو أنصاراً جدداً.
إلاّ أنّ عرضه لم يوَثر فيهم، بل إنّهم ردّوا عليه بصبيانية أوضحت تملّصهم من قبول الدعوة أو اعتناق الدين، بل أنّهم تمادوا في سلوكهم العدواني فأحاط به جمعٌ كبير منهم يسبّونه ويصيحون به، فالتجأ إلى بستان «عتبة وشيبة ابني ربيعة» للتخلّص من هوَلاء السفهاء، وعمد إلى ظل جلس فيه وهو يتصبب عرقاً، فقد ألحقوا الاَذى بمواضع عديدة من بدنه الشريف، كما أنّ رجليه سالت منهما الدماء، ولما دعا اللّه سبحانه وتعالى أن يعينه على هوَلاء الاَشرار، فقد تقدّم إليه ابنا ربيعة ـ اللّذان كانا ينظران إليه و يريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف ـ بطبق من عنب قدمه إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) غلام لهما اسمه «عداس النصراني» من أهل نينوى، فلمّا رأى ما يعلمه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من علوم عن المسيح (عليه السلام) أسلم على يديه.
إلاّ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتمكن من الرجوع إلى مكّة بسهولة، حيث خاف أذى المشركين، ممّا جعله يترك «نخلة» وهي واد بين الطائف ومكة، إلى حراء، فالتقى رجلاً من بني خزاعة طلب منه أن يخبر «المطعم بن عدي» بحالته، ويسأله أن يجير رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يدخل مكة في أمان.
ورغم أنّ «المطعم» كان وثنياً، إلاّ أنّه قبل أن يجيره «صلى الله عليه وآله وسلم» فدخل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة ليلاً، ونزل في بيت «مطعم» و بات فيه، ثمّ دخل في الصباح مع أهل بيته إلى المسجد الحرام ثمّ إلى منزله.(1)
ولم ينس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عمله الطيب هذا، بل تذكّره حتى بعد وفاة المطعم، إذ أنّه أعلن في معركة بدر عن استعداده للاِفراج عن جميع الاَسرى لو كان حيّاً، تقديراً لما قام به من إجارة وخدمة كبيرة له.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يستخدم كلّوسيلة وطريقة لنشر دعوته، فكان يقوم بالدعوة في كلّوقت وكلّ مكان، منتهزاً الفرص المناسبة لذلك، مثل استغلاله لاَسواق العرب الشهيرة: عكاظ والمجنة وذي المجاز، حيث كان الخطباء والشعراء يقفون فيها ليلقوا ما عندهم من شعر وخطب، وفكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقف على مكان مرتفع خاطباً: «قولوا لا إله إلاّاللّه تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذلّ لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكاً في الجنة».(1)
كما أنّه كان يلتقي في مواسم الحج بروَساء القبائل وأشرافها يعرض عليهم دينه، ويدعوهم إلى اللّه سبحانه، ويخبرهم بأنّه نبي مرسل، ويقول ابن هشام في ذلك: كان (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يسمع بقادم من العرب إلى مكة له اسم وشرف إلاّتصدّى له فدعاه إلى اللّه وعرض عليه ما عنده.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بسملة القرآن  :: إسلامنا :: أعظم إنسان :: سيرة خير الأنام-
انتقل الى: