Ridona مشرف
المساهمات : 223 تاريخ التسجيل : 25/07/2008 العمر : 39 الموقع : www.ha22.com
| موضوع: الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) الأربعاء 13 أغسطس 2008 - 14:17 | |
| ولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في عام الفيل (570م) بإتّفاق كتّاب السيرة، ورحل عن الدنيا في (632م) عن 62 أو 63 عاماً، كما اتّفقوا على أنّه ولد في شهر ربيع الاَوّل، يوم الجمعة السابع عشر منه، عند الشيعة، أمّا السنّة فقد عيّنوا يوم الاِثنين الثاني عشر من الشهر نفسه.(1) ولمّا كان الشيعة ينقلون أخبار أهل البيت عنهم، فلابدّ من الاِقرار بأنّ ما ينقله هوَلاء ويكتبونه من تفاصيل تتعلّق بحياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هي أقرب من غيرها إلى الحقيقة، لاَنّها مأخوذة عن أقربائه وأبنائه. وقد حملت به أُمّه «السيدة آمنة بنت وهب» في أيّام التشريق من شهر رجب، فإذا اعتبرنا يوم ولادته، 17 من ربيع الاَوّل، فتكون مدّة حملها به ثمانية أشهر وأيّاماً. وقد وقعت يوم ولادته أحداث عجيبة، فقد وُلِد مختوناً مقطوع السرة، وهو يقول: «اللّه أكبر والحمد للّه كثيراً، سبحان اللّه بكرةً وأصيلاً» (1) كما تساقطت الاَصنام في الكعبة على وجوهها، وخرج نورٌ معه أضاء مساحة واسعة من الجزيرة العربية، وانكسر إيوان كسرى، وسقطت أربعة عشر شرفة منه، وانخمدت نار فارس التي كانت تعبد،وجفت بحيرة ساوة. وهدفت هذه الاَحداث الخارقة والعجيبة إلى أمرين موَثرين: 1. فهي تدفع الجبابرة والوثنيين إلى التفكير فيما هم فيه من أحوال،فيتساءلون عن الاَسباب التي دعت إلى كلّذلك لعلهم يعقلون. إذ أنّ تلك الاَحداث كانت في الواقع تبشر بعصر جديد هو عصر انتهاء الوثنيةوزوال مظاهر السلطة الشيطانية واندحارها. 2. ومن جهة أُخرى، تبرهن على الشأن العظيم للوليد الجديد، على أنّه ليس عادياً، بل هو كغيره من الاَنبياء العظام الذين رافقت ولادتُهم أمثالَ تلك الحوادث العجيبة والوقائع الغريبة. وفي اليوم السابع لمولده المبارك، عقّ عبد المطلب عنهبكبش شكراً للّه تعالى، واحتفل به مع عامة قريش. وقال عن تسميته النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن سببه: أردت أن يُحمَد في السماء والاَرض(2) وكانت أُمّه (عليها السلام) قد سمّته أحمد قبل أن يسمّيه جدّه(3) وكان هذا الاسم نادراً بين العرب فلم يسم به منهم سوى 16 شخصاً، ولذا فإنّه كان من إحدى العلامات الخاصّة به. أمّا عن رضاعته (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد ارتضع من أُمّه ثلاثة أيّام ثمّ أرضعته امرأتان هما: ـ ثويبة: مولاة أبي لهب، إذ أرضعته لمدّة أربعة أشهر فقط، وقد قدّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجته خديجة(عليها السلام) هذا العمل لها حتى آخر حياتها، فأكرمها وأراد أن يعتقها فأبى أبو لهب، وكان يبعث إليها بالصلة حتّى وفاتها. كما أنّها أرضعت من قبل حمزة، وأبا سلمة بن عبد اللّه المخزومي، فكانوا إخوة في الرضاعة. ـ حليمة السعدية، بنت أبي ذوَيب. وكان لها من الاَولاد: عبد اللّه ، أنيسة، شيماء. وقامت «شيماء» بحضانة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً. وقد استلمت حليمة السعديةُ النبيّص في عمر لم يتجاوز أربعة أشهر، في عام قحط وجدب،فأصابها الرخاء وازدهرت حياتها بعد ذلك. ومن المعروف أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقبل في ذلك الزمان أي ثدي من المرضعات إلاّ ثدي حليمة.(1) وفي هذه المناسبة، أودُّ القول والتذكير، أنّه ينبغي أن يحتفل المسلمون جميعاً بمولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإقامة المهرجانات الكبرى والاحتفالات، تكريماً له (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فهو أمر مطلوب ومحبّب في الشريعة المقدسة لقوله تعالى: (فَالّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتّبَعُوا النُّورَ الّذِي أُنْزِلََ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون)(2) وعزّر بمعنى كرّم وبجّل. فالاحتفال بمولده (صلى الله عليه وآله وسلم) يعني ذكر أخلاقه العظيمة، وسجاياه النبيلة، والاِشادة بشرفه وفضله، وهي أُمور مدحه بها القرآن الكريم: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيم) (3)( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) .(4) فالاحتفال بمولده الكريم هو احتفالٌ بالقيم السامية، وشكرٌ للّه على منّه، وإظهار للحبّ الكامن في النفوس له،وتكريم لمن كرمه اللّه تعالى وأمر بتكريمه واحترامه وحبّه ومودّته.وهو ردّعلى من يزعم بأنّذلك محرم لكونه بدعة، لا يخلو من منكرات ومحرمات كالرقص والغناء. فالمسلمون درِجوا في العصور الاِسلامية الاَُولى على الاحتفال بذكرى مولدهبإنشاد القصائد الرائعة في مدحه، وذكر خصاله ومكارم أخلاقه وإظهار السرور والفرح،والشكر للّه تعالى بلطفه وتفضّله به ص على البشرية.(1) ولذا كان لابدّ من أداء هذا الاحتفال في كلّ وقت وزمان،في حياته وبعد مماتهص.
استقر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قبيلة«بني سعد» خمسة أعوام زارته أُمّه خلالها ثلاث مرّات، وقامت حليمة برعاية شوَونه خير قيام،وبالغت في كفالته والعناية به، كما حافظ فيها (صلى الله عليه وآله وسلم) على فصاحته و بلاغته، وعندما رجع إلى أُمّه(عليها السلام) فكّرت بزيارة المدينة وقبر زوجها عبداللّه، ورافقتهم «أُمّ أيمن» حيث أمضوا هناك شهراً، رأى فيه النبيّ «صلى الله عليه وآله وسلم» بيت أبيه الذي توفّي فيه ودفن. إلاّ أنّ أُمّه العزيزة توفّيت أيضاً في الطريق إلى مكة بمنطقة الاَبواء(2) ممّا دفع الجميع إلى إظهار المحبة له والعناية به، خاصةًجدّه «عبد المطلب» الذي أحبه أكثر من أولاده. وربما كان يُتم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صالحه، فقد أراد اللّه تعالى منه أن يهيّئه لمواجهة المستقبل بشدائده و مصاعبه ومتاعبه،أو أراد ألا يكون في عنقه طاعة لاَحد، فنشأ حراً من كلّ قيد، يصنع نفسه بنفسه، وليتضح أنّ نبوغه ليس نبوغاً بشرياً عادياً ومألوفاً، وأنّه لم يكن لوالديه أيّ دخل فيه وفي مصيره، فتكون بالتالي عظمته الباهرة نابعة من مصدر الوحي وليس من العوامل العادية المتعارفة. وقد فاجأت الحياةُ نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الحزينة بوفاة جدّه العظيم«عبد المطلب» وهو في الثامنةمن عمره، فبكى عليه «صلى الله عليه وآله وسلم» كثيراً وظلّت دموعه تجري حتى وُري في لحده.(1) كان أبو طالب أخاً لوالد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أُمّواحدة، وقد تقبّل كفالة النبيص وتحمّل المسوَولية بفخر واعتزاز. وفي العاشرة من عمره، شارك النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عمّه في إحدى الحروب التي وقعت في الاَشهر الحرم فسمّيت بحرب الفجار، إلاّ أنّ «اليعقوبي» ينفي في تاريخه اشتراك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي طالب فيها.(2) ورافق عمّه في سفره إلى الشام وهو في ربيعه الثاني عشر، شاهد فيها «مدين، ووادي القرى، وديار ثمود»، واطّلع على مشاهد الشام وطبيعتها الجميلة. إلاّ أنّ أحداث «بصرى» غيّرت برنامج رحلة أبي طالب، ودفعته إلى العودة إلى مكّة، وهي الاَحداث المرتبطة بمقابلة الراهب«بحيرا» بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما تنبّأ عنه بقوله: «إنّه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، نجده في كتبنا وما روينا عن آبائنا، هذا سيّد العالمين، هذا رسول ربّ العالمين يبعثه رحمةً للعالمين. احذر عليه اليهود لئن رأوه وعرفوا ما أعرف ليقصدُنّ قتله».(1) أمّا ما قيل عن تلك المقابلة من آراء متطرفة، وبأنّالراهب بحيرا علّم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أُمور دينه التي درسها من كتب الاِنجيل والتوراة، فهو فرية المستشرقين والكارهين للاِسلام، إذ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يمكث هناك أكثرمن أربعة أشهر هي فترة رحلة الشام عند العرب، ثمّ إذا كان هذا الراهب يمتلك هذه الكمية من المعلومات الدينية والعلمية التي عرضها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فلماذا لم يقم هو بنشرها، فيأخذ شهرته منها؟ ثمّ لماذا اختار محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) دون غيره ليعرض عليه تلك المعلومات بالرغم من توافد القبائل عليه دوماً؟ إنّ الآيات القرآنية تصرح بأنّ الاَخبار الغيبية وصلت إلى النبي ص عن طريق الوحي فقط، فلم يكن على عِلمٍ بها مطلقاً. كما أنّ كُتب التوراة والاِنجيل لا تذكر أُموراً طيّبة عن الاَنبياء، في حين أنّ القرآن الكريم يجلّهم ويعظمهم ويكرمهم،على عكس ما جاء عنهم في كتب هوَلاء. ولذا لم يعقل أن يقتبس القرآن الكريم من تلك الكتب وبينهما بُعد المشرقين. كما أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يشرح تلك القصص والقضايا للناس قبل الوحي والرسالة: (قُلْ لَوْ شاءَ اللّهُ ما تَلوتُهُ عَلَيْكُمْ ولا أَدراكُمْ بهِ فَقَدْ لَبِثتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلهِِ أَفَلا تَعْقِلُون) .(2) فالآية توَكد على أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لبث في قومه فترة طويلة لم يتلو فيها سورة من القرآن ولا آية من آياته، فكلّ ما أخبر به هو ممّا أوحى به اللّه تعالى إليه بعد أن بعثه بالرسالة.(1)
كانت آثار الشجاعة والقوة باديةً على جبينه (صلى الله عليه وآله وسلم) منذ طفولته وصباه، ففي الخامسة عشرة من عمره قيل انّه شارك في حرب الفجّار بين قريش و هوازن، وهي حرب الفجّار الرابعة التي استمرّت أربع سنوات، كان يناول فيها أعمامه النبال. وتكشف مشاركته في تلك العمليات العسكرية وهو في تلك السن، عن شجاعته وقدرته الروحية الكبرى، ولهذا كان المسلمون ـ فيما بعد ـ يحتمون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند اشتداد المعركة. وفي مقابل هذا روى الموَرخ اليعقوبي (المتوفّى290هـ) في تاريخه: وقد روي أنّ أبا طالب منع أن يكون فيها أحدٌ من بني هاشم. وقال هذا ظلم وعدوان وقطيعة واستحلال للشهر الحرام ولا أحضره ولا أحدٌ من أهلي. فأخرج الزبير بن عبد المطلب متكرهاً وقال عبد اللّه بن جدعان التيمي وحرب ابن أُميّة: لا نحضر أمراً تغيب عنه بنوهاشم فخرج الزبير. كما أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أحد المشاركين في حلف الفضول، الذي اعتبر ميثاقاً بين الجرهميين يهدف إلى الدفاع عن حقوق الضعفاء والمظلومين. وقد أسّسه جماعة اشتُقّت أسماوَهم جميعاً من لفظة «الفضل»، مثل: فضل بن فضالة، وفضل بن الحارث، وفضل بن وداعة. وقد نُقلت عبارات كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشاد فيها بالحِلف،واعتز بمشاركته فيه: «لقد شهدتُفي دار عبد اللّه بن جدعان حِلفاً لو دعيت به في الاِسلام لاَجبت». كما أشاد به الاِمام الحسين (عليه السلام) أيضاً، فضرب به المثل في أخذ الحقّوردّه لصاحبه، مثلما طلب هو حقّه من «الوليد بن عتبة»أمير المدينة. أمضى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) شطراً من حياته قبل البعثة، في رعي الغنم في الصحارى، لعلّه ليصبح بذلك صبوراً في تربية الناس الذين سيُكلف بقيادتهم وهدايتهم، ويستسهل كلّ صعب في هذا المجال. إذ كان لابدّ أن يتسلّح بسلاح الصبر، ويتجهّز بأداة التحمّل، ويتزوّد بقدرة الاستقامة على طريق الهدف، وذلك حتى يمكنه إدارة البشر في المستقبل. إذ أنّ ذلك لا يكون إلاّبتعويد النفس على هذه الصفات وحملها على مشاق الاِعمال. كما أنّ عمله في الصحراء والجبال، ساعده في التخلّص بعض الشيء من آلامه الروحية الناشئة من روَية الاَوضاع المزرية والاَحوال المشينة التي كان عليها أهل مكة وما كانوا فيه من عادات سيئة وظلم وانحراف وطغيان. كما أنّعمله في تلك البقاع، أعطاه فرصة طيبةللنظر في خلق السموات والتطلع في النجوم والكواكب وأحوالها، ثمّالاِمعان في الآيات الدالة على وجود اللّه سبحانه و تعالى، وقدرته و حكمته وعلمه وإرادته. فبالرغم من أنّ قلوب الاَنبياء تكون منورة بمصابيح المعرفة، ومضاءة بأنوار الاِيمان والتوحيد، إلاّأنّهم لا يرون أنفسهم في غنى عن النظر في عالم الخلق والتفكّر في الآيات الاِلهية، إذ أنّه من خلال هذا الطريق يصلون إلى أعلى مراتب الاِيمان،ويبلغون أسمى درجات اليقين،وبالتالي يتمكّنون من الوقوف على ملكوت السماوات والاَرضين. وبعد هذا العمل الصحراويّ الجبلي، تعاطى (صلى الله عليه وآله وسلم) العمل التجاري، باقتراح من عمّه أبي طالب، الذي أرشده بالتوجه للعمل في تجارة السيدة «خديجة بنت خويلد» التي كانت تعمل بالتجارة الواسعة، فأصبحت غنيةً ذات مال كثير وذات شرف عظيم، استخدمت الرجال في إدارة أعمالها الكثيرة. فقال أبو طالب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «يابن أخي، هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها أكثر الناس، وهي تبحث عن رجل أمين،فلو جئتها فعرضتَ نفسك عليها لاَسرعتْ إليك،وفضّلتك على غيرك، لما يبلغها عنك من طهارتك». إلاّ أنّ إباء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلوّ طبعه منعاه من الاِقدام بنفسه على ذلك فردَّ عليه :«فلعلّها أن ترسل إليّفي ذلك» لاَنّها تعرف أنّه المعروف بالاَمين بين الناس. وقد حدث ماأراده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد بعثت إليه قائلةً:«إنّي دعاني إلى البعثة إليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك،وأنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلاً من قومك، وأبعث معك غلامين يأتمران بأمرك في السفر».(1) ولمّا علم عمّه أبو طالب بذلك قال له: «إنّ هذا رزق ساقه اللّه إليك». وهكذا تمّ الاتفاق على أن يقوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعمل في أموالها وتجارتها على نحو المضاربة لا الاِجارة، فقد ذكر «اليعقوبي»: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كان أجيراً لاَحد قط.(1) ولذا فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حصل على أرباح وفيرَة من أوّل تجارته إلى الشام. ولما مرّ في الطريق على ديار عاد وثمود، تذكر سفره الاَوّل مع عمّه إلى تلك المناطق. وعند وصولهم إلى مكّة، قال «ميسرة» غلام السيدة خديجة: يا محمّد لقد ربحنا في هذه السفرة ببركتك ما لم نربح في أربعين سنة، فاستقبلْ بخديجة وأبشرها بربحنا. فأسرع النبي ص وسبق القافلة متوجهاً نحو بيت خديجة، التي استقبلته بحفاوة كبيرة، وسرّت بحديثه وأخباره عن رحلته ومكاسبه التجارية. ثمّ إنّ «ميسرة» أخبرها بكلّما حدث وحصل لهم في السفر، منذ خروجهم ودخولهم إلى البلاد، وخاصةً ما جرى، بين النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وأحد التجّار الذي جادله في البيع طالباً منه أن يحلف باللات والعزّى، فرد عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ماحلفت بهما قط، وإنّي لاَمرُّ فأعرض عنهما. كما أخبرها عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما استراح في ظلّ شجرة عندما كانوا في بصرى، فشاهده راهب فقال: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلاّ نبي.ولما سأل عن اسمه من ميسرة فقال: هو نبيّ وهو آخر الاَنبياء، إنّه هو هو ومنزِّلُ الاِنجيل،وقد قرأتُ عنهُ بشائر كثيرة.(2) وقد سلّم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ ما ربحه واستلمه من مال إلى عمّه أبي طالب، ليوسّع به على أهله، ممّا جعله فرِحاً مسروراً بما قام به ابن أخيه تجاهه.
| |
|