جلست الزوجة في حديقة المنزل الغناء واطلقت بصرها في السماء ومع النظر اطلقت العنان لاحلامها الواقعة. انها احلام فتاة في ربيع عمرها فتاة في مقتبل طريقها في الحياة تخطي قدماها نحو المستقبل خطوات الخائف الوجل وقدم تقدم واقداما تؤخر انها تخاف من المستقبل المجهول ، لكنها الان قد سرحت بفكرها للبعيد في زوجها الحبيب ذلك الشاب الصالح التقي الخلوق الذي ترتسم الابتسامة على شفتيه ويشع نور الهدى من وجنتيه ويفيض الحنان والرحمة من مقلتيه . واذا به ياتي اليها بنور قد طغى على نور البدر ثم يقف امامها ويناديها بصوت يشع رقة وحنانا .
زوجتي يا اجمل نسمة في الوجود يا املا بلا حدود يا حبا يحطم كل السدود يا رمزا للوفاء بالعهود . لماذا تنظرين يا حبيبة القلب الى هذا البدر الجميل المنير ؟ اتغارين من جماله ، فانت يا حسناء في عيني الجمال ! اتغارين من نوره، فانت في عيناي الضياء! اتغارين من بهائه ، فانت في دنياي البهاء! بل انتي في نفسي كهذا القمر في هذه السماء .
اطرقت الزوجة براسها قليلا وقد غلبها الخجل وهزتها تلك المشاعر الرقيقة الصادقة ثم رفعت راسها ووجهها يبرق كالبدر ليلة تمامه وقالت كانك تريد ان تقول شيئا فقل ما تشاء فاني اسمعك بقلبي قبل اذني . قال صدقيني يا زوجتي يا حبيبة القلب لقد احترت ماذا اهديك في هذه الليلة البدراء الجميلة هل اهديكي ذهبا وجواهر واساور؟ لا لست احب القيود في معصميك بل اهديكي وردا متناثرا . لا فاجمل ورد في عيناي هو خديك . ام اهديكي روحي ونفسي .نعم فهي ملك يديك .
ويدور شريط الذكريات الجميلة مرة اخرى فترى نفسها في مشهد اخر عندما كانت مريضة وقد ادخلها ذلك الزوج الى منزلها ثم يجلسها على الاريكة ثم يضع المدفاة بجوارها . ثم يذهب ويحضر لها الغطاء لكي يدفئها به ثم يضع لها الشاي الساخن وياتي به اليها فتمتد يدها لتتناوله منه وقد شعرت بالحرج والخجل من هذه المعاملة الرائعة التي يعاملها بها زوجها. فيقول مبتسما والله لا تشربينه الا من يدي ثم يقترب منها فيسقيها الشاي الساخن بيديه.
وعندما ازداد المرض حملها بين ذراعيه حتى تصل الى فراشها ثم يغطيها بلحاف ثقيل ثم يذهب ويحضر لها العلاج فيسقيها اياه ويظل جالسا بجوارها فتنظر اليه الزوجة لترى عليه اثر الارهاق والسهر فتطلب منه ان ينام ويرتاح لان صحتها بدات تتحسن ولكنه يقول لها وهل تظنين ان سياتيني وريحانة قلبي مريضة تئن وتتالم . فتنظر اليه الزوجة بنظرات الدهشة والحنان والعطف والحب فهي لم تشاهد طيلة حياتها رجلا كزوجها هذا الذي يحمل بين جنبيه قلبا رحيما رقيقا مرهفا . كانت تسمع ان الرجال قساة لا يرحمون ولا يتاثرون لكن زوجها نوع فريد من الرجال انه حقا نعمة من الله لقد كانت وقفته بجوارها اعظم سبب بعد مشيئة الله لشفائها .
ويدور شريط الذكريات الجميلة مرة اخرى فترى نفسها في مشهد اخر عندما كانت عائدة من بيت اهلها وقد قضت لديهم ثلاثة ايام في زيارة لوالدها المريض ثم عادت الى بيتها وزوجها وكانها كانت في رحلة طويلة فلقد استقبلها زوجها بشوق كبير وحب اكبر ووجدته قد كتب لها في بطاقة جميلة كلمات اجمل لقد كتب يقول لها
زوجتي لقد غبت عن دنياي فغابت معك كل معاني السعادة والهناء ولا عجب في ذلك فان لي ولك مع الحب ذكريات وميعاد ومع العشق قصة ميلاد لا حرمني الله منك يا زوجتي الحبيبة وتقبلي مني هذه الكلمات
ان كانت الدنيا قمر فانت في دنياي القمر
او كان في البحر الدرر فانت بحري والدرر
او كان في الزهر العطر فانت زهري والعطر .
ويدور شريط الذكريات الحلوة في مخيلة تلك الزوجة فهذا هو يوم العيد السعيد قد اقبل ولاح فيفيق الزوج من نومه قبيل الصلاة وبعد ان يغتسل ويتطيب يخرج الى الصلاة ولا يعود من صلاة العيد الا وهو يحمل بين يديه هدية جميلة فيضعها بين يدي زوجته ويقول لها هذه هدية متواضعة لاغلى زوجة في الدنيا فتتناول زوجته تلك الباقة وتقرا الكلام المكتوب على البطاقة " كل عام وانتي حبي الوحيد كل عام وانتي عشقي الجديد كل عام وانتي نوري المديد كل عام وانتي عرفي الفريد كل عام وانتي بالف الف خير يا منبع الصفاء ورمز الوفاء "
ويدور الشريط دورة اخرى وتتذكر الزوجة عندما حصل بينها وبين زوجها خلاف شديد واحتد النقاش بينهما وانفعل الزوج عليها ببعض الكلمات وتلك هي طبيعة الحياة الزوجية فباتا تلك الليلة متغاضبين متخاصمين فلما استيقظت الزوجة في الصباح وجدت بجوارها بطاقة وردية مزركشة مكتوبا فيها " الى التي ما خفق قلبي لسواها ولا عشق فؤادي الا اياها ، الى التي حرمتني النوم البارحة فبت اتملل على فراشي. الى
زوجتي نبع الحنان ليس الخلاف هو النهاية بيننا كم من خلاف كان درب وفاق . ووقعت تلك الكلمات الجميلة في قلب زوجته موقفا مؤثرا وما كاد زوجها يعود حتى كانت بانتظاره وما كاد يفتح باب المنزل حتى بادرت اليه تستقبله وتقول له انا الظالمة المخطئة فعاقبني كما تشاء .
وقالت له اسمع ما قلت فيك " دعني اسافر في ناظريك واروي ظمأي من مقلتيك وازرع حبي على وجنتيك واقتل حزني في راحتيك واملىء قلبي حبا اليك بناظري اجاهد خوفا عليك" فقال لها الزوج مندهشا مبهورا ما شاء الله ما هذا الكلام الجميل الرائع قد اصبحتي شاعرة يا بهجة الفؤاد. فقالت له على الفور من خالط الشعراء صار منهم وان كلماتك الرقيقة المرهفة التي تهديها لي دائما تحرك وتؤثر في الصخر الاصم فكيف لا تحرك مشاعري واحاسيسي . ثم قالت زوجي اريد ان اقول لك شيئا مهما فقال لها وقد بدا عليه الاهتمام والجدية قولي فكلي اذان صاغية لكلامك فقالت له..
زوجي ليس الرجال مثلك.