بسملة القرآن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بسملة القرآن

دين ودنيا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج14

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ridona
مشرف
Ridona


المساهمات : 223
تاريخ التسجيل : 25/07/2008
العمر : 38
الموقع : www.ha22.com

الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج14 Empty
مُساهمةموضوع: الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج14   الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج14 Emptyالأربعاء 13 أغسطس 2008 - 17:46

تابع...
إلاّ أنّ بعضهم لم يستحسن أسلوب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التوزيع، ورأى أنّه لم يعدل حين وزع خمس الغنيمة على أبناء قبيلته، ومن أشهرهم:
ـ ذو الخويصرة التميمي، الذي رفض أُسلوب النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» ممّا دعا عمر بن الخطاب أن يستأذن النبي ص لقتله. ولكن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» قال: دعه فإنّه سيكون له شيعة (أي تَبع) يتعمّقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية.(2) وقد أصبح فعلاًً زعيماً لفرقة الخوارج في عهد الاِمام علي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
كما اشتكى عدد من جانب الاَنصار، حول كيفية توزيع الخمس، فخطب فيهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) موضحاً موقفه من هذا التوزيع في تأليف القلوب:«أفلا ترضون يا معشر الاَنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه إلى رحالكم. والذي نفس محمّد بيده، لولا الهجرة لكنت إمرىًًَ من الاَنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الاَنصار شعباً، لسلكت شعب الاَنصار».(1)
ثمّ ترحم عليهم قائلاً: «اللّهمّ ارحم الاَنصار وأبناء الاَنصار وأبناء أبناء الاَنصار».
فأثار بهذه الكلمات مشاعرهم فبكوا بشدّة وقالوا: رضينا يا رسول اللّه حظاً وقسماً. ويكشف ذلك عن عمق حكمة النبي ص وحنكته السياسية، وأُسلوب معالجته للمشكلات بروح الصدق واللطف.
وبعد ذلك خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معتمراً من الجعرانة، ثمّ انصرف راجعاً إلى المدينة فوصلها في أواخر ذي القعدة أو أوائل شهر ذي الحجّة، مستخلفاً على مكّة: عتاب بن أسيد، الذي بلغ من العمر عشرين عاماً، و قُدّر له راتبٌ يوميٌّ، درهم واحد، ولما احتجّ بعضهم على هذا التعيين، قال: «لا يحتج منكم في مخالفته بصغر سنه، فليس الاَكبر هو الاَفضل، بل الاَفضل هو الاَكبر، وهو الاَكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا، فلذلك جعلناه الاَمير عليكم والرئيس عليكم، فمن أطاعه فمرحباً به، ومن خالفه فلا يبعدُُ اللّه غيره».(2)
وأكد بذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معيار الاَهلية والجدارة والكفاءة في حيازة المناصب الاجتماعية والاَُمور الاجتماعية الاَُخرى.
ومن أحداث هذه السنة أيضاً:
وفاة زينب بنت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي التي كان زوجها ابن خالتها أبي العاص الذي بقي على شركه بعد أن آمنت هي بأبيها، ولكنّه آمن في الفترةالاَخيرة وأعاد النبي ص إليه زوجته.
كما أنّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رزق في أواخر هذا العام ولداً سمّاه إبراهيم من زوجته مارية القبطية، فأهدى المولدة هدية ثمينة، وعق له في اليوم السابع وحلق شعره وتصدق بوزنه فضة في سبيل اللّه.(1)

أحداث السنة التاسعة من الهجرة

عام الوفود

انتهت السنة الثامنة بسقوط أكبر قاعدة من قواعد الوثنية والشرك، في أيدي المسلمين، الذين انتصروا على أعدائهم تماماً، فأخذت القبائل المتمردة تتقرب إليهم تدريجياً، وتوالت وفودُها على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تقدم ولاءها وتعلن إسلامها وتتقبل الرسالة المحمّدية، ممّا دعت تلك الكثرة من الاَعداد الوافدة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسمى بعام الوفود.(1)
إنّ دراسة الوفود وما دار بينهم و بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تفيد بوضوح بأنّ الاِسلام انتشر في الجزيرة العربية عن طريق الدعوة والتبليغ. وتحدث القرآن الكريم في سورة خاصة عن حضور تلك الوفود على النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وما حقّقه الاِسلام من فتح وانتصار:(إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِوَالْفَتْح * وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللّهِ أَفْواجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً) .(2)
إلاّ أنّه بالرغم من ذلك فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعدّ في هذا العام عدّة سرايا بعثها إلى جهات معينة، من جملتها سرية الاِمام علي «عليه السلام» إلى أرض طيء، وقد اختصت لهدم مظاهرالوثنيّة.
كما وقعت غزوة واحدة مثل غزوة تبوك، وإن لم يقاتل فيها النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» أحداً، إلاّ أنّها كانت تمهيداً لفتح المناطق الحدودية.

هدم الاَصنام

أدرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ضوء تعاليم الوحي أنّ الوثنية كجرثومة الكوليرا، تهدم فضائل الاِنسان وشرفه، وتقضي على مكارم الاَخلاق، وتحط من مكانة الاِنسان الرفيعة، وتجعله كائناً حقيراً أمام الطين والحجر. وعلى هذا الاَساس أمره اللّه تعالى أن يجتث جذور الشرك من كيان ذلك المجتمع الموبوء، بإزالة كلّمظاهر الوثنية وأنواعها وأشكالها، مستخدماً القوة تجاه الجماعات المعارضة. وعلم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ في قبيلة طيء صنماً كبيراً يقدَّس حتى ذلك الوقت، فأرسل الاِمام علياً (عليه السلام) مع 150 فارساً ليحطم هذا الصنم ويهدم بيته.
ونجح الاِمام (عليه السلام) في مهمته، وعاد بالغنائم والاَسرى إلى المدينة، وهرب رئيسها «عدي بن حاتم الطائي» إلى الشام ملتحقاً بأهل دينه، لاَنّه كان نصرانياً حسب ما ذكر بنفسه، وترك أُخته في قومه. إلاّ أنّ النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» أرجعها إلى أخيها بالشام، فأخذت توبخه ممّا صنع من هروبه مع أهله، وتركها وحيدة، ثمّ طلبت منه أن يذهب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويعلن إسلامه، فاحترمه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما قدم إليه في المدينة، وقدم له ما يليق به كأمير وسيد على قومه.
ولما شاهد من سيرته وأفعاله ما يدل ويوَكد على أنّه نبي اللّه، أسلم على يديه (صلى الله عليه وآله وسلم).(1)

غزوة تبوك: وهي قلعة قويّة في طريق حجر والشام

أعدّ إمبراطور الروم قوّة عسكرية لمهاجمة المسلمين الذين ازدادت قوّتهم وأعدادهم وخطرهم على الدولة الرومانية. وتألفت هذه القوّة من 40 ألف فارس و كانت مجهزة بأحدث الاَسلحة و المعدات، وتقدمت إلى منطقة البلقاء، فأمر النبي ص عندها أصحابه بالتهيّوَ والاستعداد لغزو الروم، في موسمٍ شديد الحرارة، وجدب وعسرة، إلاّ أنّ الدوافع المقدّسة والجهاد في سبيل اللّه غَلَبَ على كلّتلك الاَُمور الدنيوية، فشارك 30 ألف من المسلمين في هذه الغزوة تحددت نفقاتها من الزكاة من أهل الغنى والثروة. وقد اعتبرت هذه الغزوة خيرَ مَحَكٍّ لمعرفة المجاهدين الصادقين من المنافقين والمبدعين، إذ أنّ بعضهم تخلّف بحجّة الخوف من أن يفتتن بالنساء الروميات، وهو عذر صبياني أقبح من الذنب: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتنِّي أَلا فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لمُحيطَةٌ بِالكافِرين) .(2)
وكان منهم أيضاً المنافقون الذين تظاهروا بالاِسلام، فثبَّطوا الناس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخوفوهم من قوّة الرومان، و اعتذروا بالحر الشديد: (وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّحرّاً لَوْ كانُوا يَفْقَهُون) .(3)
كما أنّ مجموعة من الخونة ألّفت شبكة جاسوسية في المدينة، تمكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من القضاء عليها بهدم المكان الذي اجتمعت به وحرقة، وهو بيت سويلم اليهودي.
وكذلك تخلّف عنهم المخلّفون الثلاثة، الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم، حينما قالوا بأنّهم سيلحقون بركبه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما يفرغون من الحصاد، فوبّخهم اللّه تعالى وعاقبهم، ليكونوا عبرةً لغيرهم. كما تخلف عن الغزوة ولكن بنية صادقة البكاوَون، وذلك لعدم تمكّنهم من المشاركة في الجهاد، لفقرهم و عدم حصولهم على دواب تحملهم، ولم يستطع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجهز ذلك لهم فقال: لا أجد ما أحملكم عليه. كما لم يشارك فيها الاِمام عليّ (عليه السلام) فقد أبقاه النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» في المدينة، خوفاً من إثارة فتنة أو قيام انقلاب خلال غيابه، بمساعدة القوى المضادة للاِسلام. وبالرغم من أنّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد استخلف على المدينة«محمد بن مسلمة» فإنّه قال للاِمام علي (عليه السلام) : «أنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي و قومي» فكأنّه تعيّن كقائد عسكري في المدينة يحفظ الاَمن والاستقرار فيها. ولذا فإنّ المنافقين استغلوا ذلك فرصة لنشر الشائعات والاَقاويل في عدم اصطحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للاِمام علي (عليه السلام) معه في الجيش، ممّا جعل الاِمام (عليه السلام) يسير إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو على بعد ثلاثة أميال من المدينة ليسأله عن هذا الاَمر قائلاً: «يا نبي اللّه، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وتخففت عني» فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حينئذٍ كلمته التاريخية الخالدة التي اعتبرت من الاَدلة القاطعة على إمامته وخلافته بعده «صلى الله عليه وآله وسلم» : «كَذِبوا ولكنّي خلّفتُك لما تركتَ ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي».(1)
وهكذا فقد استعرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المعسكر قبل تحرّك الجيش، وألقى فيهم خطاباً هاماً لتقوية معنويات المجاهدين، وشرح فيه هدفه من هذه التعبئة العامة الشاملة.
وفي الطريق واجه متاعبَ ومشاق كثيرة، ولذا سمى هذا الجيش بجيش «العسرة»، إلاّأنّ إيمانهم العميق، وحبّهم للهدف المقدس، سهّل عليهم الاَمر. وعندما مروا بأرض ثمود، غطى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهَه بثوبه وأمر أصحابه بسرعة السير: «لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلاّوأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم مثلما أصابهم». كما نهاهم أن يشربوا من مائها ولا يتوضأوا به للصلاة ولا يطبخ به طعام.(1) ولكنّهم شربوا عندما وصلوا إلى البئر التي كانت تشرب منها ناقة صالح (عليه السلام) فنزلوا عليها بأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .
كما أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أظهر في الطريق بعض الاَُمور الغيبية حتى لا يوَثّر شكّ بعضهم في إيمان الآخرين، مثلما جرى لناقته التي ضلت الطريق، وبدأ المنافقون في التقليل من قوّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واتّصاله باللّه سبحانه و تعالى، فأخبرهم بموقعها، بعلم من اللّه تعالى. وتنبأ عن أبي ذر و ما سيجري له عندما تأخّر عنهم فقال: رحم اللّه أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده.(2)
على كلّ حال، وصل الجيش في مطلع شهر شعبان إلى أرض تبوك، دون أن يجدوا أثراً لجيش الروم الذي كان قد انسحب إلى داخل بلاده مفضلاً عدم مواجهة المسلمين، وموَكدين حيادهم تجاه الحوادث والوقائع التي تجري في الجزيرة العربية. فجمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القادة و شاوَرَهم في أمر التقدّم في أرض العدو، أو العودة إلى العاصمة. فقرروا العودة ليستعيد الجميعُ نشاطَه بعد المشاق والتعب، إضافة إلى أنّهم حقّقوا هدفهم بتخويف العدو وإلقاء الرعب في قلوبهم، فقالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن كنت أُمرت بالسير فَسِرْ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لو أُمرت به ما استشرتُكم فيه».(3) فاحترم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) آراء هوَلاء وقرر العودة إلى المدينة.
ورأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الوقت مناسب للاتّصال ببعض حكّام وروَساء المناطق الحدودية، ليعقد معهم معاهدات أمن وعدم إعتداء، ليأمن جانبهم. فاتصل شخصياً بزعماء أيلة وأذرح والجرباء. وعندما قدم يوحنا بن روَبة زعيم أيلة، إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قدم له فرساً أبيض وأعلن عن طاعته له (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فاحترمه (صلى الله عليه وآله وسلم) وصالحه وكساه برداً يمانياً، وقبل أن يدفع جزية قدرها 300 دينار سنوياً على أن يبقى على دينه المسيحي، ووقع الطرفان على كتاب أمان، فضمن بذلك أمن المنطقة الاِسلامية شمالاً.
وفي طريق تبوك تقع منطقة دومة الجندل ذات الخضرة والماء، وتبعد عن الشام 50 فرسخاً، وعن المدينة عشرة أميال، حكمها رجلٌ مسيحي هو: أكيدر بن عبد الملك. فأرسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوّة بقيادة خالد بن الوليد لاِخضاعه، فتمكن من السيطرة عليهم وإحضار أكيدر إلى الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» ، فأعلن خضوعه وقبل دفع الجزية والبقاء على دينه، وكتب عهداً وصالحه، وأهداه، ثمّ أوصله إلى بلده بحراسة خاصة.(1) فانتهت بذلك الاَعمال العسكرية في تبوك.
ويمكن تقييم نتائج تلك العمليات العسكرية كما يأتي:
1. إبراز مكانة وسمعة الجيش الاِسلامي في المناطق الخارجية، ممّا أثر في القبائل هناك فتسارعوا بالقدوم والوفود على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد عودته من تبوك، لتعلن خضوعها وطاعتها، حتى سمّي ذلك العام بعام الوفود.
2. ضمان أمن الحدود بعد توقيع المعاهدات والاتفاقيات مع حكّام تلك المناطق.
3. تمهيد الطريق للمسلمين لفتح الشام بعد ذلك، عندما تعلموا منه «صلى الله عليه وآله وسلم» أساليب تكوين وإعداد الجيوش الكبرى لمحاربة القوى العظمى.
4. تمييز الموَمن عن المنافق.
وبعد أن مكث (صلى الله عليه وآله وسلم) عشرين يوماً في تبوك، توجه إلى المدينة، إلاّ أنّ اثني عشر منافقاً تآمروا لاغتيال النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» قبل أن يصل إلى عاصمته، كان ثمانية منهم من قريش والآخرون من أهل المدينة، وذلك بتنفير ناقته في العقبة ـ بين المدينة والشام ـ ليطرحوه في الوادي، غير أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) علم بموَامرتهم فأرعبهم بصياحه فيهم، فتركوا العقبة هاربين، ورفض (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يرسل من يقضي عليهم أو اللحاق بهم. ثمّ وصل الجيش إلى المدينة فرحين مسرورين معتزين بما حقّقوه من انتصار على الاَعداء، وإلقاء الرعب في قلب دولة كبيرة، ولما أرادوا التفاخر والتباهي على الذين تخلّفوا بعذر وقلوبهم مع جنود الاِسلام، فإنّ النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» منعهم من ذلك، لاَنّ النيّة الصالحة والفكر الطيّب يقوم مقام العمل الصالح الطيّب.
ثمّ أقدم (صلى الله عليه وآله وسلم) على معاقبة الثلاثة الذين تخلّفوا عن الجيش بأعذار واهية وهم: هلال بن أُمية، كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، فقد أعرض بوجهه الكريم عنهم، ولم يكترث بهم حينما قدّموا التهنئة بعودتهم مظفرين، وقال فيهم: لا تكلّموا أحداً من هوَلاء الثلاثة، ممّا أثر في التعامل معهم تجارياً، فكسدت بضائعهم ، وانقطعت روابطهم مع أقربائهم، فأثر ذلك في نفسياتهم: (حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الاََرضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفسُهُمْْ) .(1)
فقاموا بالتوبة إلى اللّه، فأعلن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عفوه عنهم،ورفع المقاطعة عنهم.(1)
وكانت هذه آخر معركة اشترك فيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ لم يشارك بعدها في أيّقتال.

مسجد ضرار

أصبح أبو عامر والد حنظلة غسيل الملائكة، الذي استشهد في أُحد، من المتعاونين مع المنافقين، الذين خططوا دائماً للتخريب و إفساد أعمال الاِسلام،ولذا قرر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتقاله فهرب إلى مكّة و منها إلى الطائف ثمّ إلى الشام، فقاد منها شبكة تجسسية لصالح المنافقين. وكتب في إحدى رسائله إلى جماعته، يطلب منهم أن يبنوا مسجداً في قباء في مقابل مسجد المسلمين ليتخذوه مركزاً لتخطيط وتنفيذ موَامراتهم. وكان النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» قد رفض من قبل طلبهم هذا قبل مسيره إلى تبوك، فاستغلوا غيابه فأقاموه. و لمّا عاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طلبوا منه أن يوَدي ركعتين فيه ليسبغوا عليه الصفة الشرعية، إلاّ أنّ جبرائيل (عليه السلام) أوحى إليه «صلى الله عليه وآله وسلم» بحقيقة الاَمر والنية، وسمّاه مسجد ضرار ووصفه بأنّه مركز لاِيجاد الفرقة والتآمر بين المسلمين:(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُوَْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْحارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلفُن إِنْ أَردْنا إِلاّالحُسْنى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ* لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلى التَّقْوى مِنْ أَوَّل يَومٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطهَّرُوا وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهّرِينَ).(2)
ممّا دعا الرسولص أن يأمر فوراً بتدميره وإحراقه وتسويته بالاَرض، فتحول مكانه إلى مزبلة فيما بعد.(1) وكان ذلك ضربة قويّة للمنافقين، إذ انتهى حزبهم الخبيث وهلك حاميهما الوحيد عبد اللّه بن أُبي بعد شهرين من غزوة تبوك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج14
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بسملة القرآن  :: إسلامنا :: أعظم إنسان :: سيرة خير الأنام-
انتقل الى: