بسملة القرآن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بسملة القرآن

دين ودنيا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج8

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ridona
مشرف
Ridona


المساهمات : 223
تاريخ التسجيل : 25/07/2008
العمر : 38
الموقع : www.ha22.com

الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج8 Empty
مُساهمةموضوع: الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج8   الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج8 Emptyالأربعاء 13 أغسطس 2008 - 15:13

أحداث السنة الثالثة من الهجرة

معركة أُحد

وهي سنةالدفاع عن الحرية والكرامة، وقد وقعت فيها معركة أُحد التي تعدّمن أعظم المعارك في الاِسلام.
فقد قرر كفّار قريش إعلان الحرب على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن تتكفّل قريش نفقاتها، فأعدّت 4 آلاف مقاتل، إضافة إلى النساء اللائي هدفوا من اشتراكهن: تحريض الرجال على القتال، والصمود وعدم الفرار، وإشعال الحماس في النفوس، وإنّ فرار الرجال يعني أسرهن، فتصبح الغيرة والحمية سبباً للمقاومة والصمود. كما اشترك في الجيش عدد من العبيد والرقيق طمعاً في العتق الذي وعدوا به متى ما نصروا أسيادهم، مثل وحشي الحبشي.(1)
إلاّ أنّ العباس بن عبد المطلب الذي عاش بين قريش كاتماً إيمانه، كتب تقريراً مفصلاً عن تلك الاستعدادات وأرسله مع رجل غفاري إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أخبر أصحابه بالاَمر. ثمّ عقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الجمعة اجتماعاً عسكرياً للتشاور مع القادة وأهل الخبرة في وسائل مواجهة العدو، فأشار «عبد اللّه بن أُبي بن سلول» ـ من منافقي المدينة ـ بالقتال داخل المدينة، أي لا يخرج المسلمون منها بل يقاتلونهم حرب الشوارع. إلاّ أنّ فتيان المسلمين شجبوا هذا الرأي وأقروا الخروج من المدينة لملاقاة العدو، بعد أن أيّد الرأي السابق أكابر أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من المهاجرين والاَنصار. وكان حمزة و سعد بن عبادة على رأس القائلين بلقاء العدو خارج المدينة، فأيّد النبيرأي الاَكثرية بالخروج للحرب، إذ أنّ محاصرة العدوّ للمدينة وسيطرته على مداخلها وطرقاتها وسكوت جنود الاِسلام على ذلك،من شأنه أن يقتل الروح القتالية والفروسية في أبناء الاِسلام المجاهدين.
وكان جيش الكفّار قد وصل أطراف المدينة، حتى استقر قرب جبل أُحد، يوم الخميس، الخامس من شهر شوال، فاستعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن لبس لامته والدرع وتقلّد السيف واعتمّ، فخرج من بيته، ممّا آثار المسلمين وهزّهم بشدّة حتّى تصوّر بعضهم أنّهم قد أجبروه (صلى الله عليه وآله وسلم) على الخروج، فطلبوا منه المعذرة وإجراء أيّ فعل يقصده، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل».(1) ثمّ صلّى الناس الجمعة، وخرج على رأس ألف مقاتل قاصداً أُحد.
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رفض اشتراك جماعة من اليهود الذين تحالفوا مع «عبد اللّه بن أُبيّ بن سلول» معهم، فانعزل عن الجيش وعاد بثلث الناس كلّهم من الاَوس المتحالفين معه، إلى المدينة، بحجّة أنّ الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» أخذ برأي الفتية والشباب. ولذا لم يشترك اليهودُ والمنافقون في هذه الحرب.
وفي يوم السبت 7 من شهر شوال، اصطف الجيش الاِسلامي أمام قوى الشرك المعتدية، فجعل ظهره إلى جبل أُحد كمانع طبيعي يحفظ الخلف، ووضع جماعة من الرماة عند ثغرة في الجبل، عليهم «عبد اللّه بن جبير» وطلب منهم الالتزام بالموقع: «إلزموا مكانكم لا تبرحوا منه إن كانت لنا أو علينا فلا تفارقوا مكانكم».
إلاّ أنّ المسلمين انهزموا بعد انتصارهم في بداية المعركة نتيجة تجاهل هوَلاء الرماة لاَوامر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أخلوا هذا الموقع الاستراتيجي.
وكانت قريش قد أعدّت تسعة رجال شجعان من بني الدار لحمل الراية، قتلهم الاِمام علي (عليه السلام) جميعاً، كما قتل غلامهم حين برز أيضاً.(1) وبذا فإنّ النتيجة الاَوّلية كانت هزيمة الكفّار مخلِّفين وراءهم غنائم وأموالاً كثيرة، فانتصر المسلمون على عدوّهم القوي عدداً وعدّة، لاَسباب منها:
ـ أنّهم قاتلوا في مرضاة اللّه، ونشر عقيدة التوحيد، دون أن يهدفوا إلى مصلحة مادية.
ولكنّهم انهزموا بعد انتصارهم الساحق لاَسباب كان أهمها:
ـ تغيّر أهدافهم، فقد اتجهت أنظارهم إلى الغنائم في أرض المعركة، ونسوا أوامر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعاليمه بالتمسّك بها مهما حدث. وخاصة أُولئك الرماة الحامين ظهر المسلمين على جبل أُحد، حين تركوا مواقعهم ونزلوا إلى الساحة يريدون جمع الغنائم قائلين: «ولِمَ نقيم هنا من غير شيء وقد هزم اللّه العدو، فلنذهب ونغنم مع إخواننا». وهو الاَمر الذي استغله «خالد بن الوليد» الذي كان آنذاك مع المشركين و كان يترصّد خلوّ الثغرة من الرماة، فقتل باقي الرماة وكانوا عشرة من خمسين، ثمّ هاجم المسلمين الغافلين عن الوضع السّيىَ والذين انشغلوا بجمع الغنائم، فتفرقت جموعهم، و اجتمع جنود قريش الهاربون فقاتلوا المسلمين قتالاً ضارياً، حتى قُتِلَ منهم سبعون رجلاً. وعندما قتل أحد أبطال المشركين من قريش، حامل لواء الاِسلام : «مصعب بن عمير» ظنّ أنّه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فصاح: قتلت محمداً. فانتشر الخبر بين المسلمين وقريش الذين سرّوا بذلك فصاحوا: ألا قد قتل محمد. فاضطر المسلمون ـ بعد انفراط القيادة ، وإشاعة الفوضى والهرج والمرج في الجيش ـ إلى أن يهرب معظمهم إلى الجبل تاركين أرض المعركة، إلاّعدداً قليلاً منهم.
وكان خمسة من صناديد قريش قد تعاهدوا على أن يضعوا نهاية لحياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مهما كلّفهم الاَمر، وهم:
1.عبد اللّه بن شهاب، الذي جرح جبهة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
2.عتبة بن أبي وقاص، الذي رمى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأحجار فكسر رباعيته.
3. ابن قميئة الليثي، الذي رمى وجنتي الرسول وجرحهما.
4.عبد اللّه بن حميد، الذي حمل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقتله أبو دجانة بطل الاِسلام.
5.أُبي بن خلف، الذي قتله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بيده عندما حمل عليه.
وقد دلّت مواقف الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه المعركة وغيرها على شجاعته وقوّته، وقد أكدها الاِمام علي (عليه السلام) قائلاً: «كنّا إذا احمرّ البأس، اتّقينا برسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يكن أحد أقرب منّا إلى العدو منه».(1)
ومن هنا فإنّ سلامة النبي الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الحرب بل وفي عامة الحروب تعود في أكثر أسبابها إلى:
ـ حسن دفاعه عن دينه وعن نفسه، وإلى شجاعته وبأسه في المعارك، إضافة إلى تضحية تلك القلة من أصحابه الاَوفياء الذين بذلوا غاية جهدهم للحفاظ على حياته وسلامتهواشتهر من هوَلاء:
1. الاِمام علي (عليه السلام) الذي بلغ 26 عاماً من عمره، حيث قتل 12 من رجال قريش، والباقي وهم عشرة قتلهم باقي المسلمين. وهنا سمع هتاف بين السماء والاَرض يقول: لا فتى إلاّ عليّ ولا سيف إلاّ ذو الفقار.
2.أبو دجانة، الذي جعل من نفسه ترساً يقي النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» من سيوف الكفّار.
3. حمزة بن عبد المطلب، الذي دأب على حماية الرسول ص من أذى المشركين دائماً في الظروف القاسية، إلاّ أنّ وحشي العبد قتله في هذه المعركة.
4. أُمّ عمارة، نسيبة المازنية، وقد باشرت القتال وذبت عن الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» بالسيف، ورمت بالقوس حتى جُرِحت. وقد أُعجب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشجاعتها فأشاد بموقفها يوم أُحد: «لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من فلان و فلان» فطلبت منه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو لها بالجنة فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «بارك اللّه عليكم من أهل بيت رحمكم اللّه، اللّهمّ اجعلهم رفقائي في الجنة».
وقد استغل أبو سفيان وقريش انتصارهم فاعتمدوا الاِعلام المزيف في ذلك، بأنّ آلهتهم أعظم من إله المسلمين، قاصداً من ذلك التأثير النفسي، فقد رأى أنّ الحملة النفسية والحرب الباردة يمكنها أن تحطم إيمان المسلمين.
أمّا هند زوجة أبي سفيان، فقد مثلت مع بعض النساء بجثث المسلمين، من قطع الاَنوف وجدع الآذان وسمل العيون وقطع الاَصابع والاَرجل والمذاكير، نكاية بالمسلمين وإطفاءً للحقد الدفين. وقد بقرت هند صدر حمزة وأخرجت كبده ولاكته بين أسنانها، دون أن تستطيع أكله فعُرفت بآكلة الاَكباد، كما عرف أبناوَها فيما بعد ببني آكلة الاَكباد.
وقال الرسولص عندما شاهد عمّه حمزة: «ما وَقفتُ موقفاً قط أغيظ إليّ من هذا».
وهكذا غادر كفّار قريش أرض المعركة إلى مكة، أمّا المسلمون، فبعد أن صلّى بهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر والعصر، دفنوا الشهداء واحداً واحداً أو اثنين اثنين، عند جبل أُحد.(1)
أمّا الشهداء فكانوا ما بين 70 أو 81 مسلماً على روايات مختلفة، ولم يتجاوز عدد قتلى قريش 22 فرداً، وأمّا النبي ص فقد عالجته السيدة فاطمة «عليها السلام» والاِمام علي ص حينما رجع إلى المدينة.

غزوة حمراء الاَسد

إلاّ أنّ الوضع لم يستقر، بل أنّ الاَحداث استمرت إلى يوم الجمعة حيث غزوة «حمراء الاَسد».(2) ذلك أنّ اليهود والمنافقين أتباع «عبد اللّه بن أُبي» استغلوا الوضع الخطير الذي أصبح فيه المسلمون، وكانوا قد سرّوا لما أصابهم، ووجدوا البيوت حزينة يسمع منها أنين الجرحى والبكاء على الموتى والشهداء. ولما كان هناك خوف أن يوَدّي ذلك إلى ضعف الجبهة الداخلية، إذ أنّ انهيار الوحدة والانسحاب في هذه الجبهة أخطر بكثير من تعرض البلاد لهجوم خارجي. ولذا فقد أمر (صلى الله عليه وآله وسلم) بملاحقة العدو في نفس هذه الليلة حتى يرهب العدو ويبلغه قوة المسلمين واتحادهم وأنّ ما أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.(1) فخرج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأصحابه إلى «حمراء الاَسد» مخلفاً على المدينة:ابن أُمّ مكتوم.
وقد استطاع «معبد بن أبي معبد الخزاعي» رئيس بني خزاعة، الذي ارتبط بعلاقات ودية طيبة مع الرسولوالمسلمين بالرغم من كفره وشركه، من أن يخوّف أبا سفيان ويرعبه بما ذكره له عن قوّة المسلمين، وأعدادهم وملاحقتهم لقريش، ممّا دعاه إلى الانصراف عن مهاجمة المدينة مرّة أُخرى.
وفي هذه السنة (3هـ)، أيضاً بعث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً السرايا، واشتهرت منها: سرية محمد بن مسلمة، عندما انزعج كعب بن الاَشرف لانتصار المسلمين في بدر، وحاول إثارة قريش عليهم، فبدأ بإيذاء نساء المسلمين، ممّا جعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرر التخلّص منه، فأرسل إليه محمّد بن مسلمة، الذي أعدّ خطة محكمة للقضاء عليه، فقتلوه بمساعدة أخيه بالرضاعة «أبونائلة». كما تخلّصوا من مفسد آخر هو:«أبو رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي» الذي قام بنفس دور كعب بن الاَشرف في إيذاء الرسول والمسلمين.
وفي هذه السنة، ولد السبط الاِمام الحسن (عليه السلام) في 15 من شهر رمضان.

أحداث السنة الرابعة من الهجرة

النتائج السلبية لمعركة أُحد

بالرغم من إظهار المسلمين قوتهم، ومطاردتهم للعدو ومنعهم من مهاجمة المدينة، فإنّ المنافقين واليهود والمشركين أعدّوا الموَامرات ضدّ الاِسلام والمسلمين، وجهزوا العدّة لمحاربتهم،مثل قبيلة «بني أسد» التي أرادت الهجوم على المدينة لنهبها، فأرسل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) 150فرداً بقيادة أبي مسلمة الذي تمكن من القضاء عليهم والتخلّص منهم.
ومن المعروف أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يرسل الدعاة و المبلغين من قرّاء القرآن الكريم، والمسلمين بالاَحكام الاِسلامية والتعاليم النبوية، لينقلوا تلك التعاليم والاَحكام إلى الناس في المناطق البعيدة والاَماكن النائية، كما كان يبعث من جانب آخر، السرايا والمجموعات العسكرية للقضاء على محاولات التمرد والموَامرات، ليتسنّى لهوَلاء المبلغين والدعاة في ضوء الاَمن والحرية والاَمان، الدعوة إلى الاِسلام وإرساء دعائم الحكومة الاِسلامية في القلوب، وتنوير الاَفكار وإيقاظ العقول. إلاّ أنّه كان يحدث أنّ بعض القبائل المتوحشة والمتخلفة فكرياً وأخلاقياً كانت تعتدي على هوَلاء المبلغين وتقتلهم بصورة مفجعة مأساوية.(1) مثلما قامت به جماعة من قبيلة «عضل والقارة» الذين طلبوا القرّاء من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وغدروا بهم أثناء الطريق إلى مكان سكنهم. ومن قبلهم طلب أبو براء العامري في شهر صفر من هذه السنة، من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبعث رجالاً إلى نجد يدعوهم للاِسلام مع أنّه لم يسلم، فقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّي أخشى عليهم أهل نجد». ولكن أبا براء أعلن عن استعداده لاِجارتهم وضمان أمنهم فقال: أنا لهم جار. فبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعين رجلاً من أصحابه الخيار من حفظة القرآن و أحكام الاِسلام بقيادة «المنذر بن عمرو» و معه كتاب إلى «عامر بن الطفيل» أحد زعماء نجد، الذي قرر الغدر بهم، فقتل رسول المنذر، وطلب من بني عامر قتل المبلّغين، إلاّ أنّهم رفضوا على أساس أنّ لهم عقداً وجواراً مع أبي براء. فاستصرخ عليهم قبائل«بني سليم» الذين أجابوه، فأحاطوا بالدعاة وقاتلوهم حتى قتلوهم عن آخرهم بعد أن قاوموا بقوّة وبسالة عظيمة. وتسمّى هذه الحادثة بجريمة بئر معونة، التي لم ينسها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان يذكر شهداءها فترة من الزمان(2) كما أنّ تلك الحادثتان: الرجيع وبئر معونة، تركتا آثاراً سيئة،وخلفتا موجة من الحزن والاَسى في نفوس المسلمين.

غزوة بني النضير

لقد طلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من يهود بني النضير المساهمة في دفع دية اثنين قتلا خطأ، بموجب الاتفاقية المعقودة بين الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» واليهود، والتي تقضي بالتعاون فيما بينهم في تسديد الدية، إلاّ أنّهم أضمروا له الشر، حينما سار إليهم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في عدد قليل من أصحابه، وقصدوا قتله غدراً، وذلك بإلقاء صخرة عليه من فوق البيت الذي أستند الرسول ص إلى جداره، ولكنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) علم بموَامراتهم سواء من تحركاتهم المشبوهة، أو بخبر جاء من السماء، فترك المكان مسرعاً بالعودة إلى المدينة، دون أن يخبر أصحابه الذين انتظروه طويلاً دون جدوى. وقد أخبرهم عند عودتهم بالسبب:«همت اليهود بالغدر بي فأخبرني اللّه بذلك فقمت».(1)
ورداً على الموقف الغادر لليهود، فقد أمر الرسولالمسلمين بالاِعداد لحربهم، وبعث رسالة إليهم مع «محمّد بن مسلمة» يبلغ فيها سادتهم: «قد نقضتم العهد الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر بي. أخرجوا من بلادي، فقد أجّلتكم عشراً، فمن رُئي بعد ذلك ضربت عنقه».
وكان حكم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا مطابقاً لما جاء في الميثاق الذي عقد بينهم عند دخوله المدينة: «ألاّ يعينوا على رسول اللّه «صلى الله عليه وآله وسلم» ولا على أحد أصحابه بلسان ولا يد ولا بسلاح في السر والعلانية، واللّه بذلك عليهم شهيد. فإن فعلوا فرسول اللّه في حلّ من سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونسائهم وأخذ أموالهم». إلاّ أنّالمنافقين برئاسة «عبد اللّه بن أُبيّ» اتّصلوا ببني النضير يعرضون عليهم المساعدة والتعاون، بعدم تنفيذ أوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخروج من المدينة، ممّا دفعهم إلى اللجوء إلى حصونهم، والاِعداد للحرب ومقاومة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى لا يسيطر المسلمون على ديارهم وبساتينهم وممتلكاتهم، وأرسل «حيي بن أخطب» إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّا لا نبرح من دارنا وأموالنا فاصنع ما أنت صانع؛ فما كان من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّأن خرج إليهم، بعد أن استخلف على المدينة «ابن أُمّ مكتوم» وسار لمحاصرة بني النضير، فاستمر الحصار ست ليال على رواية ابن هشام، أو 15 يوماً حسب الروايات الاَُخرى. وأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بقطع النخيل المحيطة بحصونهم، وإلقاء النار عليهم، حتى يكرهوا البقاء في تلك الديار بعد إعدام بساتينهم.
فدفعهم ذلك فعلياً إلى الرضوخ لمطالب الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم» بالجلاء عن موطنهم، على أن تحمل إبلهم ما لهم من مال دون أن يأخذوا السلاح والدروع، فرضى النبي ص بذلك، فخرج جماعة منهم إلى خيبر وأُخرى إلى الشام. أمّا تقسيم أموالهم فحيث إنّ المسلمين غنموها دون قتال ـ و هو الفيء ـ فانّه يعود أمره إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة يضعه حيث يشاء ويصرفه فيما يرى من مصالح الاِسلام، وقد فعل النبي ذلك وقسم المزارع والبساتين على المهاجرين فقط دون الاَنصار، وذلك لما حرموا من ممتلكاتهم وثرواتهم في مكة، وقد أيده في ذلك: سعد بن عبادة و سعد بن معاذ.(1)
وقد جرت هذه الحادثة في ربيع الاَوّل 4هـ وأوردتها سورة الحشر في القرآن الكريم.

غزوة ذات الرقاع

جاء الخبر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ قبائل بني محارب و بني ثعلبة من قبائل غطفان، أعدتا للهجوم على المدينة، فسار إليهم النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وأدّبهم، دون أن يحدث قتال، وأصاب بعض الغنائم.
كما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قوّة بلغت 1500 فرد من المحاربين قاصداً بدراً لملاقاة أبي سفيان، الذي كان قد قرر في أُحد أن يلتقي بهم في هذه السنة، إلاّ أنّهم تخوفوا من مواجهة المسلمين، وذلك من أظهر الصور لحكمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في إجراءاته العسكرية، فقد أظهر قوته وعزيمته أمامهم، ممّا كان له أثره القويّ في نفوس الاَعداء.

تحريم الخمر

و قد حرّمت في أربع مراحل تدريجية ضمن آيات أربع أظهرت الاستياء من الخمر، فبدأت من مرحلة مخففة حتى انتهت إلى مرحلة الاِعلان عن التحريم القطعي. فالآيات الاَربع منعت من الخمر، بعد أن وصفتها بالرجس وإنّها نظير الميسر وانّها عمل شيطاني، مناقض للفلاح ومسبب للعداوة والبغضاء، وبذا فقد استطاع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الآيات أن يطهر مجتمعه من أدرانهذه العادة الشريرة التي انتشرت في البيئة بقوة، وكانت آفة متفشية ومتجذرة في المجتمع، بحيث إنّ معالجتها كانت تحتاج إلى وقت طويل وأُسلوب مدروس، وقد تحتم أن يعالَج هذا الوباء الاجتماعي من خلال إعداد الناس لمرحلة التحريم النهائي والقطعي تماماً، كما يفعل الطبيب للمرضى الذين يطول بهم المرض ولذا فإنّها حرمت في أربع مراحل.
و في هذه السنة ولد السبط الاَصغر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي الاِمام الحسين (عليه السلام) في 3 شعبان.
كما توفيت السيدة فاطمة بنت أسد أُمّ الاِمام علي (عليه السلام) .
وأمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) زيد بن حارثة أن يتعلم السريانية من اليهود.(1)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرسول الاَكرم...محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ج8
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بسملة القرآن  :: إسلامنا :: أعظم إنسان :: سيرة خير الأنام-
انتقل الى: